فقول القائل ½السماء تحتنا¼ معتقِداً ذلك صدق وقوله ½السماء فوقنا¼ غيرَ معتقد لذلك كذب، والمراد بالاعتقاد[1] الحكم الذهنيّ الجازم أو الراجح فيعمّ العلم والظنّ، وهذا يشكل بخبر الشاكّ لعدم الاعتقاد فيه[2] فيلزم الواسطة ولا يتحقّق الانحصار اللّهمّ إلاّ أن يقال إنه كاذب لأنه إذا انتفى الاعتقاد صَدَق عدم مطابقة الاعتقاد والكلام في أنّ[3] المشكوك خبر أو ليس بخبر مذكور في الشرح فليطالع ثمه (بدليل) قوله تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ (إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ﴾ [المنافقون:١]) فإنه تعالى جعلهم كاذبين[4] في قولهم: ½إنك لرسول الله¼ لعدم مطابقته لاعتقادهم وإن كان مطابقاً للواقع (ورُدّ) هذا
[1] قوله: [والمراد بالاعتقاد إلخ] لمّا كان الاعتقاد يطلق عند الأصوليّين بمعنى الإدراك الجازم لا لدليل فيخرج عنه الظنّ واليقين أعني العلم لأنّ الظنَّ إدراك راجح غير جازم والعلمَ إدراك جازم لدليل, بيّن أنّ المراد بالاعتقاد هنا الحكم الذهني إلخ. قوله ½فيعمّ العلم والظنّ¼ لفّ ونشر مرتّب. قوله ½وهذا¼ أي: تفسير الصدق والكذب المحكيّ عن النظام القائل بانحصار الخبر في الصادق والكاذب.
[2] قوله: [لعدم الاعتقاد فيه] بيان لوجه الإشكال, وحاصله أنّ الشاكّ في قيام زيد وعدمه إذا قال ½زيد قائم¼ لا يكون هذا الخبر صادقاً لعدم صدق حدّ الصدق عليه ولا كاذباً لكذب حدّ الكذب فيه؛ لأنه لا اعتقاد للشاكّ حتّى يطابقه هذا الخبر فيكون صادقاً أو لايطابقه فيكون كاذباً فيلزم الواسطة مع أنّ النظام غير قائل بها. قوله ½اللهمّ إلخ¼ جرت العادة باستعمال هذا اللفظ فيما في ثبوته ضعف وكأنه يستعان في إثباته بالله تعالى, ووجه الضعف ههنا أنه خلاف المتبادر وأنه موهم لجريان الكذب في الإنشاءات وهو خلاف للإجماع.
[3] قوله: [والكلام في أنّ إلخ] إشارة إلى أنّ الإشكال المذكور مبنيّ على أنّ كلام الشاكّ يقال له خبر وهذا القول هو التحقيق, وأمّا إذا لم يقل له خبر فلا يرد به الإشكال أصلاً.
[4] قوله: [فإنه تعالى جعلهم كاذبين إلخ] هذا توجيه للاستدلال بالآية, وحاصله أنّ الله تعالى إنما جعلهم كاذبين في قولهم ½إنك لرسول الله¼ لعدم مطابقته لاعتقادهم فعلم أنّ كذب الخبر عدم مطابقته للاعتقاد, ومفهومه أنّ الصدق المقابل له هو المطابقة للاعتقاد. قوله ½هذا الاستدلال¼ إشارة إلى مرجع الضمير المفهوم من السياق.