عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وقلّما سلِمَ مِكْثارٌ [1] أو أُقيلَ لهُ عِثارٌ, فلمّا لمْ يُسْعِفْ بالإقالَةِ [2], ولا أعْفَى منَ المَقالَةِ, لبّيْتُ دعْوَتَهُ تلبِيَةَ المُطيعِ, وبذَلْتُ في مُطاوَعَتِه جُهْدَ المُستَطيعِ, وأنْشأتُ على ما أُعانِيه [3] منْ قَريحةٍ جامِدةٍ, وفِطْنَةٍ خامِدةٍ,


 



[1] قوله: [قلّما سلِمَ مِكْثارٌ...إلخ] ½المكثار¼ الكثير الكلام, أي: لا يسلم كثير الكلام مِن الزلات والسقطات, وقد جاء في الحديث عن بن عمر عن النَّبيِّ صلَّى الله تَعالى عَليه وسلَّم قال: ((من كثر كلامه كثر سقطه, ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه, ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به, فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمُت)). و½أُقيل له عثار¼ أي: صفح عن عيبه وزلّته, يقال: ½أقال الله عثرته¼ أي: صفح عن زلّته وتجاوز عنه, وعَثَر يَعثِرُ ويَعْثُرُ عَثْراً وعِثَاراً أي: سقط على وجهه, ويستعار للزلل في القول والعمل. (مغاني, الشريشي)

[2] قوله: [فلمّا لمْ يُسْعِفْ بالإقالَةِ...إلخ] أي: لمّا لَم يقضي حاجتي بفسخ ما ألزمني وحكم به عليّ, يقال: ½أسعفتُ الرجُلَ بحاجته¼ أي: قضيتُها له, والضمير المرفوع في ½يسعف¼ يرجع إلى ½مَن¼ الموصول في قوله: ½مَن إشارته حكم¼, و½لا أعفى¼ أي: لم يترك مطالبته, يقال: ½أعفى فلاناً من الأمر¼ أي:أسقطَه عنه فلَم يُطالبه به ولَم يحاسبه عليه, وأصله الترك, ومنه ½العَفو¼ وهو ترك العقوبة, وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: ((أحفوا الشواربَ وأعفوا اللّحى)) و½لبيت¼ أجبتُ دعوته قائلاً لبّيك, و½التلبيّة¼ مصدر ½لبّى¼, وقوله: ½تلبية المطيع¼ منصوب على المفعول المطلق, والمصدر ههنا لبيان التشبيه, و½المطاوعة¼ المفاعلة من الموافقة, و½المستطيع¼ المطيق, وقوله: ½جهد المستطيع¼ مفعول ½بذلت¼, يقول: فلما لم يقض حاجتي بالإقالة ولم يترك المطالبة أجبتُ دعوته قائلاً لبيك وصرفتُ في امتثال أمره كلّ جهدي الذي كنتُ أستطيعُه. (مغاني, المصباحي)

[3] قوله: [وأنْشأتُ على ما أُعانِيه...إلخ] ½أنشأتُ¼ ألّفتُ, ومفعوله قولُه الآتي: ½خمسين مقامة¼ و½على¼ بمعنى مع, و½ما¼ موصولة وبيانها ½مِن قريحة جامدة¼ و½أعانيه¼ أقاسيه وأتحمّل مشقّته, مفاعلة من ½العَناء¼ وهو التعب, وأصل ½القريحة¼ أول ما يخرج من البئر حين تحفر, وهي فعيلة بمعنى مفعولة, وقيل: ½القريحة¼ الفطنة والذكاء, ويقال: ½لفلان قريحة جيّدة¼ أي: استنباط العلم بجودة الطبع, ولقد أبدع في ترشيح الاستعارة بقوله: ½جامدة¼ وصفاً للقريحة, معناه: يابسة صلبة, وقيل: بخيلة, و½فلان جامد¼ أي بخيل, و½الفِطنَة¼ الفهم والعلم, و½خامدة¼ أي غير ذكية, وأصله من قولك: ½خمَدت النار¼ إذا سكن لهبُها ولم يطفأ جمرُها. (مغاني, المصباحي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132