عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

ورَوِيّةٍ ناضِبَةٍ [1], وهُمومٍ ناصِبَةٍ, خمْسينَ مَقامةً تحْتَوي على جِدّ القَوْلِ وهزْلِه [2], ورَقيقِ اللّفْظِ وجزْلِه, وغُرَرِ البَيانِ ودُرَرِه, ومُلَحِ الأدَبِ ونوادِرِه, إلى ما وشّحْتُها بهِ من الآياتِ [3], ومَحاسِنِ


 



[1] قوله: [ورَوِيّةٍ ناضِبَةٍ...إلخ] ½الرويّة¼ التدبّر والتفكّر في الأمر, وهي خلاف البديهة, و½روّأت الأمر¼ تدبّرت كيف تصنعه, وهي في الأصل مهموزة مِن ½روّأ في الأمر¼ إذا تأمّل وتفكّر, إلاّ أنهم قلبوا الهمزة ياءً وأدغموا الياء في ياء فعيلة فقالوا: ½رويّة¼ وهي تكون قبل العزيمة وبعد البديهة, و½النضوب¼ في الأصل ذَهاب الماء في الأرض وغؤُورُه, فاستعير ههنا لذهاب الفكر ونقصانها, و½همٌّ ناصب¼ أي ذو نصب, مثل: ½رجل تامر¼ أي: ذو تمر, وهو من باب ﴿عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ[القارعة:٧], ويقال: هو فاعل بمعنى مفعول فيه؛ لأنه ينصب فيه ويتعب, كقولهم: ½ليل نائم¼ أي: ينام فيه, و½يوم عاصف¼ أي: تعصف فيه الرياح. (مغاني, المطرزي, الشريشي)

[2] قوله: [تحْتَوي على جِدّ القَوْلِ وهزْلِه...إلخ] ½تحتوي¼ أي: تشتمل, و½جِدّ القول¼ ضدّ الهزل, و½هزَل في كلامِه¼ مزح وهذى, و½اللفظ الرقيق¼ السهلُ العذب, و½اللفظ الجَزْل¼ هو الفصيح المحكم, وأصل ½الجزل¼ الحطب الغليظ العظيم, ومنه ½عطاء جزيل¼ أي كثير عظيم, فالجزل العظيم من كل شيء, و½غرر الكلام¼ محاسنه, وغرّة كل شيء أوله وأكرمه, و½فلان غرّة قومه¼ أي: سيِّدهم, فجعلها للبيان مجازاً, و½الدُّرَر¼ جمع ½دُرّة¼ وهي الجوهرة العظيمة, والكلام الحسن يشبّه بالدُّرر والجواهر, يقال: فلان يتكلّم بالدرر, و½الملح¼ جمع ½مُلحة¼ وهي مليح الكلام, و½نوادره¼ غرائبه. (مغاني, الشريشي)

[3] قوله: [إلى ما وشّحتُها به مِن الآياتِ...إلخ] ½إلى¼ ههنا بمعنى ½مع¼, يقال: ½خلوت إليه¼ أي: معه, قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَهُمۡ إِلَىٰٓ أَمۡوَٰلِكُمۡۚ[النساء:٢], أي: مع أموالكم, و½وشّحتها¼ أي: زيّنتها, وهو استعارة, وأصل التوشيح إلباس الوِشاح, وهو مِن حُليّ النساء, ينسج من أديم عريضاً ويرصَّع بالجواهر, وتشُدّه المرأةُ بين عاتقَيها وكشحَيْها, و½العاتق¼ موضع الرداء من المَنْكِب, و½الكَشْح¼ ما بين الخاصرة إلى الضِّلع الخِلف, وهو

أقصر الأضلاع وآخِرها, و½الآيات¼ العلامات, وأيضاً العجائبات, قال الله تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ [المؤمن:١٣],

و½المحاسن¼ جمع حُسْن على غير قياس, كأنه جمع مَحسن, ومثله في الندرة, و½الكنايات¼ ضرب من الألغاز, وأصل الكناية أن تذكر الشيء بغير لفظه, إما لإبهام على جليسك أو لتعظيم أو لتحقير, فالإبهام: أن تَذكُر لفظاً يُفهم مِن ظاهِره غيرُ مُرادِك, مثل قوله تعالى حاكياً عن سيدنا هود على نبينا وعليه الصلوة والسلام, حين قال له قومه: ﴿ إِنَّا لَنَرَىٰكَ فِي سَفَاهَةٖ…. قَالَ يَٰقَوۡمِ لَيۡسَ بِي سَفَاهَةٞ﴾ [الأعراف:٦٦-٦٧], فليس في اللفظ زيادة على السفاهة, وقد تضمّن الكلام التكذيب لهم, والتعظيم: مثل كناية الرجل بـ"أبي فلان", تُرك اسمه وعدل إلى كنايته تعظيما له, والتحقير: أن يكون الشيء خسيساً فتأنف مِن ذكره فتذكره بغير اسمه, مثل قوله تعالى: ﴿كَانَا يَأۡكُلَانِ ٱلطَّعَامَۗ[المائدة:٧٥], فكنى عن الحدَث بالأكل لمّا كان يتولّد عنه. (مغاني, الشريشي, الرازي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132