عنوان الكتاب: الفتاوى المختارة من الفتاوى الرضوية

المعرفة ولا يحيط بکنه الله وصفات الله وکمال الله وجمال الله وجلال الله إلاّ الله ولذلك لمّا أمرنا أن نصلّي علی نبيّنا صلّی الله تعالی عليه وسلّم رددنا الأمر إليه وکان امتثال أمره بقولنا: اللّهم صلّ وسلّم عليه إذ لا تفي بقدره العظيم إلاّ صلاة ربّه الکريم. اعلم أنّ لکلّ فعل يصدر من العبد وجهتين وجهته إلی خالقه عزّ وجلّ إذ لا وجود له إلاّ به و ليس للعبد من خلقه شيء ووجهته إلی کاسبه إذ منه ظهر بإظهار المولی سبحانه وتعالی وهذه الأخری هي مناط الاستناد العام لغةً وعرفاً وشرعاً فلا يقال: قام إلاّ لمن قام به القيام لا لمن خلقه لکن من الأفعال ما يصحّ صدوره من الخالق عزّوجلّ فيسوغ إسنادها إليه لارتفاع الإيهام وإلی العبد علی وجهه العام وذلك کحمد وشکر ووحّد وذکّر لا کصلّی وسجد وصام و عبد وقام وقعد لما تقدّم والأوّل الحقيقة والآخر الصورة فإذا صحّت الحقيقة غلبت واضمحلت عنده الصورة فصحّ نفيه عن کاسبه و قصر إسناده علی خالقه وذلك قوله تعالی: ﴿ فَلَمۡ تَقۡتُلُوهُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمۡۚ وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ﴾ الأنفال:١٧ فأثبت ونفی صورة ومعنی وما توفيقي إلاّ بالله وما تشاؤون إلاّ أن يشاء الله بل إذا نظرت بعين الحقيقة فلا وجود إلاّ له عزّجلاله, کلّ شيء هالك إلاّ وجهه، هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن. هذا سيّدنا سواد ابن قارب[1] رضي الله تعالی عنه قائلاً[2] فيما عرضه علی النبی صلّي الله عليه وسلّم:

فأشهد أنّ الله لا شيء غيره      وأنّك مأمون علی کلّ غائب


 



[1] هو سواد بن قارب الأزدي الدوسي أو السدوسي ت نحو٥هـ, كان شاعر في الجاهلية, صحابي في الإسلام.                                                                            "الإصابة", ٣/١٨٠, "الأعلام",٣/١٤٤.

[2] "الاستيعاب", باب سواد, سواد بن قارب الدوسي, ٢/٢٣٣.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

135