الإمام فلا شكّ أنّ لهم الدخول في جماعة الوتر إذا كانوا صلّوا الفرض بجماعةٍ كما سمعت، نعم! ذهب بعض كالإمام عليّ بن أحمد[1] وعين الأئمّة الكرابيسي[2] إلى تبعيةٍ لجماعة التراويح في حقّ كلّ مصلٍّ بمعنى أنّ من لَم يدركها مع الإمام لا يتبعه في الوتر لكنّه كما علمت قول مرجوح.
قلت: وبهذا التحقيق ظهر التوفيق بين كلام العلاّمة البِرجندي المذكور وكلام الفاضل شيخي زاده[3] في "مجمع الأنهر[4] شرح ملتقى الأبحر"[5] حيث قال: لو لم يصلّها -يعني: التراويح- مع الإمام صلّى الوتر به؛ لأنّه تابعٌ لرمضان، وعند البعض لا؛ لأنّه تابعٌ للتراويح عنده، وفي "القهستاني": ويجوز أن يصلّي الوتر بالجماعة وإن لَم يصلّ شيئاً من التراويح مع الإمام أو صلاّها مع غيره، وهو الصحيح اﻫ. ما في "المجمع"، فإنّه صريحٌ في أنّ القول بتبعيّة للتراويح قول مرجوح خلاف الجمهور، وصريح ما في "البِرجندي" أنّه هو القول المشهور، ووجه التوفيق أنّ التبعيّة في كلام "المجمع" مأخوذة بالنظر إلى كلّ أحد في خاصّة نفسه؛ ولذا بنى عليه منع من لَم يدركها مع الإمام عن دخوله في الوتر، وفي كلام البِرجندي بمعنى وقوعه بعد إقامة
[1] في المذهب عدة أعلام بهذا الاسم لم نهتد إلى تعيين المراد منه.
[2] هو عين الأئمّة أسعد بن محمّد بن الحسين الكرابيسي، النيسابوري، الحنفي، أبو المظفر، جمال الإسلام فقيه ت٥٧٠هـ، من تصانيفه: "الفروق" و"الموجز"، كلاهما في فروع الفقه الحنفي.
"معجم المؤلّفين"، ١/٣٥١، و"الجواهر المضية"، ٢/٣٤٠.
[3] هو عبد الرحمن بن محمد بن سليمان المدعو بشيخي زاده الحنفي، ت١٠٧٨هـ, يعرف بداماد شيخ الإسلام صنف "مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر". "هدية العارفين"، ٥/ ٥٤٩.
[4] "مجمع الأنهر"، كتاب الصلاة، باب الوتر والنوافل، فصل في التراويح، ١/٢٠٥
[5] "الملتقى" = "ملتقى الأبحر": لإبراهيم بن محمد الحلبي، ت٩٥٦هـ."كشف الظنون"، ٢/١٨١٤.