بتبع عند الإمام فنعم! ونِعم الجواب عنه ما أفاد المولى المحقّق ابن عابدين[1] أنّ أصالته في ذاته لا تنافي كون جماعته تبعاً.
قلت: ألا ترى! أنّ الظهر والعصر من أعظم الفروض المستقلّة، والجمع بينهما من توابع الوقوف بـ"عرفة"[2] ولو في حجّةٍ نافلةٍ، فافهم. قال الشامی[3]: إنّهم اختلفوا في أفضليّة صلاتها بالجماعة بعد التراويح، اﻫ فكانت جماعته أدون حالاً من جماعة التراويح المسنونة عند الجمهور حتّى لو تركها الكلّ أثموا فكيف بجماعة الفرض الواجبة على الصحيح الرجيح! فساغ أن يكون تبعاً في الجماعة وإن كان أصلاً في الذات حتّى أفسد تذكره المكتوبات.
قلت: على أنّ التعليل بالقضية المذكورة تعليل بالنفي وهو عندنا من التعليلات الفاسدة كما صرّحوا به في الأصول، وحصر العلّة في التبعية ممنوع محتاج إلى البيان هذا. والآخر أنّ من صلّى الفرض بجماعة يجوز له الدخول في جماعة الوتر سواء صلّى الفرض خلف هذا الإمام أو خلف غيره كما قرّر الشامي وسواء صلّى التراويح وحده أو خلف هذا الإمام أو غيره كما نصّوا عليه.
قلت: بل ومن لَم يصلّها رأساً كما يشمله إطلاق قوله[4]: "ولو لَم يصلّها بالإمام،" له أن "يصلّي الوتر" معه فإنّه يصدق بانتفاء القيد والمقيد جميعاً، وليحرّر.
[1] "ردّ المحتار"، كتاب الصلاة، باب الوتر والنوافل، مبحث: صلاة التراويح، ٢/٦٠٤.
[2] عرفة أو عرفات من مناسك الحج. ينفر إليه الحجاج ويقفون داعين بين يدي الله قبل عيد الأضحى بيوم. "المنجد في الأعلام", صـ٣٧٤.
[3] "ردّ المحتار"، كتاب الصلاة، باب الوتر والنوافل، ٢/٦٠٤.
[4] "الدرّ"، كتاب الصلاة، باب الوتر والنوافل، ٢/٦٠٣-٦٠٤.