قال سيّدنا الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى: فرأيتُه أعمى ورأيتُه صحيحًا[1].
أيها الإخوة! لقد سمعتم عن سلفنا من الصالحين رحمهم الله تعالى كيف كانوا يخافون الله جل وعلا أشدّ الخوف! ويستحون مِن مولاهم عزّ وجلّ، يواظبون على الصلوات، فكانت دعوتهم مستجابة، شاكرين لله سبحانه وتعالى، قد عرفوا قيمة النِّعَم التي أعطاهم الله إيّاها، وإذا وقع بصرهم على امرأةٍ أجنبيّةٍ دون قصد كانوا يخجلون مِن الله أشدّ الخجل على ذلك بدلًا من اسْترسالهم بالنظر لها أو ملاحقتهم لها بوقاحة ومراودة الأفكار السيّئة لهم حولها مستسلمين لوساوس الشيطان؛ لأنّهم يعلمون أنّ البصر نعمةٌ عظيمةٌ مِن الله تعالى، واستعماله في الأعمال الصالحة شكرها، واستعمال العين في الأعمال غير الشرعيّة هو غباء مطلق وعدم احترام للنعمة وسبب لدخول النار، حتّى حصل هذا الأمر الغريب لبعضهم حين عجز عن أداء حقّ هذه النعمة فدعا ربّه أنْ يسلبها عنه كيلا يقع نظره إلى امرأةٍ أجنبيّةٍ مرّة أخرى، وإنْ وقع النظر منه دون قصد فيجب عليه صرف النظر وغضّه بعد نظرة الفجأة، ولا يجوز أنْ ينظر إليها مرّة ثانية أو يسترسل في الأولى، فعن سيّدنا بريدة بن الحُصيب الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال: قال النبيُّ ﷺ لسيّدنا عليٍّ