يكن لدينا أيّ شيءٍ لكان هذا الاستظهار[1] واجب الردّ بنفسها؛ لأنّ الزكامَ مِن الأمراض الشائعةِ في جميع البشر مهما كان زمانه ومكانه ولا سيّما في الشتاء، ولم يبلغ إنسانٌ عددًا مِن السنين إلّا لَأصيب به حتمًا، ومِن اليقين العادي يُقال: إنّ الصحابة الكرام والتابعين الأعلام وأئمّة العظام رضي الله تعالى عنهم لأُصيبوا بأنفسهم بالزكام.
وإنْ كان حكم نقض الوضوء بمثل هذا الشيء الذي فيه عموم البلوى لكان العالَم مطلعًا به، وورد تصريحه في الأحاديث المشهورة والمستفيضة، مِن كتب "ظاهر الرواية" إلى المتون والشروح والفتاوى لكانت مشحونة بحكمه، لا أن تستخرج المسألة بعد مئتين وألف سنة (۱۲۰۰) مِن بعض عبارات عالم مصري السيّد العلّامة الطحطاوي على سبيل الاحتمال، وحتّى لم يخطر في باله أنْ يذكرها في موضعها الأصليّ، أي: بابُ نواقضِ الوضوء، مع أنَّ مسألةَ ماء الرمد وغيره ذُكرت في "الدرّ المختار" هنالك أيضًا.
فكيف خطر على باله في باب الحيض خيالًا جديدًا، فلا يمكن أنْ يكون مثل هذا الخيال مقبولًا، أصول الحديثِ والفقهِ كلُّها شاهدٌ على [بطلانها] إلّا إذا كان الشخص مصابًا بالرُّعافِ، أي: يسيل مِن أنفه دم، وأصيب بالزكام في هذا الحال، وفي غير أوقاتِ النزيف كان المخاطُ متغيّر اللون، بأنْ كان مظنّة تخلّل الدم ففي هذا الحال حكمُ نقض الوضوء ظاهرٌ.