عنوان الكتاب: لمع الأحكام أن لا وضوء من الزكام

[إذا خرج الماء من جسد الإنسان لعلّة أو ألم فحكم الوضوء استحبابيّ

عند ابن الهمام وابن أمير الحاج وابن نجيم]

بالجملة لا ينتقض الوضوء بمجرد الرطوبة التي خرجت بسبب المرض في نفسها مطلقًا بل لاحتمال الدم أو الصديد، ولهذا رأى ابن الهمام أنّ حكم وضوء الإمام محمَّد في المسائل المذكورة استحبابي؛ لاحتمال الدم وغيره، فلا ينتقض الوضوء بالاحتمال، إلّا إذا علم بخبر الأطبّاء أو وصل إلى غلبةِ الظنّ بسببِ العلامات بأنّ فيها الدمُ أو الصديدُ فحينئذٍ وجب الوضوء بالتأكيد، قال في "الفتح" قُبيل فصل في النفاس: «في عينه رمد يسيل دمعها يؤمر بالوضوء لكلّ وقتِ لاحتمال كونه صديدًا.

وأقول: هذا التعليل يقتضي أنّه أمر استحباب، فإنّ الشّكَّ والاحتمال في كونه ناقضًا لا يوجب الحكم بالنقض إذ اليقينُ لا يزولُ بالشَّكِّ[1] والله أعلم، نعم! إذا علم من طريق غلبة الظنّ بإخبار الأطبّاء أو علامات تغلب ظنّ المبتلى يجب»[2].

إلى هذا مال تلميذه الرشيد الإمام ابن أمير الحاجّ، وقال في تأييده: «يشهد لهذا ما في "شرح الزاهدي" عقب هذه المسألة: وعن هشام


 

 



[1] "اليقينُ لا يزولُ بالشَّكِّ": هذه قاعدة فقهيّة معروفة ذكرها ابن نجيم في "الأشباه"، الفن الأول، القاعدة الثالثة، ص ٤٧.

[2] "فتح القدير"، كتاب الطهارات، قبيل فصل في النفاس، ١/١٨٥-١٨٦.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

56