[منشأ شُبهة الطحطاوي هو قول الفقهاء:
بأنّ كل سائل خرج من البدن لعلّة
فهو ناقض للوضوء]
هذه تصريحات جليّة بأنّ البلغم الذي نزل من الرأس ليس ناقضًا للوضوء بالإجماع، من الظاهر أنّ رطوبات الزكام لم تنزل إلّا من الرأس، فلا يمكن أن يكون قول نقض الوضوء لأحدٍ، حكم المسألة واضحة بهذا القدر، ولكن هنا وقعت شُبهة عند العلّامة السيّد الطحطاوي رحمه الله تعالى، منشأها قول فقهائنا: كلّ سائل خرج مِن البدن بسبب العلّة فهو ناقض الوضوء كخروج الرَّمَد لمَن كان مصابًّا بالعَمَش أو الغَرَب بعينه، أو السيلان عن العين أو الأذن أو السُّرَّة بالالتهاب أو لغيره من الأمراض، فلهذه الأسباب كل ما يسيل من الدمع أو الماء يكون ناقضًا للوضوء.
في "الدرّ المختار" من باب الحيض: صاحب عذر من به سلس بول أو استحاضة أو بعينه رَمَدٌ أو عَمَشٌ أو غَرَبٌ، وكذا كلّ ما يخرج بوجعٍ ولو من أذن أو ثدي وسُرَّة[1].
في "ردّ المحتار": «قوله: رَمَدٌ. أي: ويسيل منه الدمع، قوله: عَمَشٌ. ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في أكثر الأوقات، قوله: غَرَبٌ. قال المُطَرِّزيُّ[2]: هو عِرقٌ في مجرى الدَّمع يسقي فلا ينقطع مثل الباسور،
[1] "الدر المختار"، كتاب الطهارة، باب الحيض، ١/٣٠٥.
[2] هو ناصر بن عبد السيّد بن علي أبو الفتح برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِيُّ (ت: ٦١٠هـ)، كان إمام في الفقه واللغة والعربيّة، قرأ على أبيه والموفق بن أحمد، وسمع الحديث من محمد ابن علي التاجر، وتفقّه على النعالي، من تصانيفه: "الإيضاح في شرح مقامات الحريري المُغرِب" وغيرهما، ["الجواهر المضيئة"، ٢/١٩٠].