[لا يُقبل حديث الآحاد في موضع عموم البلوى والزكام منه أيضًا]
لكنّي أقول: الزكامُ أمرٌ عامٌ ولعلّه لم يكن إنسان إلّا أبتلي به في عمره مرارًا، ومتيقّنٌ أنّه وقع في كلّ قرنٍ وكلّ طبقةٍ بل كلّ عامٍ، وفي عهد الرسالة وزمن الصحابة وأيّام الأئمّة بل لعلّهم زكموا بأنفسهم أيضًا، فلو كان ناقضًا لوجب أنْ يشتهر حكمه ويملأ الأسماع ويعمّ البقاع ويتدفق منه بحار الأسفارِ قديمًا وحديثًا فقهًا وحديثًا، لا أن لا يذكر في شيء من الكتب ويبقى موقوفًا إلى أنْ يستخرجه العلّامة الطحطاوي على وجه الاستظهارِ في القرن الثالث عشر، وقد علمت أنّ ما كان هذا شأنه لا يُقبَلُ فيه حديثٌ رُوي آحادًا[1]؛ لأنّ الآحاديّةَ مع توفُّرِ الدواعي أمارةُ الغَلَط[2].
[1] لا يُقبلُ في البلوى حديث رُوي آحادًا: هذه قاعدة أصوليّة: «يُقال: إنّ ما نُقل آحادًا ممّا تتوفُّر الدواعي على نقله تواترًا مقطوع بكذبه»، ["حاشية العلامة البناني" على شرح الجلال شمس الدين المحلي على "متن جمع الجوامع" للإمام تاج الدين السبكي، عبد الرحمن بن جاد الله البناني (ت: ١١٩٨ه)، الكلام في الأخبار، ٢/١٤٢، مكبتة دار الفكر بيروت].
[2] الآحاديّةُ مع توفُّر الدواعي أمارةُ الغَلَط: هذه قاعدة أصوليّة: «يُقال: إنّ ما نُقل آحادًا ممّا تتوفُّر الدواعي على نقله تواترًا مقطوع بكذبه»، ["حاشية العلامة البناني" على شرح الجلال شمس الدين المحلي على "متن جمع الجوامع" للإمام تاج الدين السبكي، عبد الرحمن بن جاد الله البناني (ت: ١١٩٨ه)، الكلام في الأخبار، ٢/١٤٢، مكبتة دار الفكر بيروت].