فقلتُ: ويحك ما هذا الجفاء؟
قالت: تستأهلّ ألّا أرحمك.
قلتُ: لم؟
قالتْ: قتلتَ أمَّك، رميتَ بها في التنّور فاحترقَتْ.
فخرجتُ إلى التنّور فإذا هي كالرغيف المحروق، فخرجتُ وتصدّقتُ بمالي، وأعتقتُ عبيدي، وأنا منذ أربعين سنة أصومُ النهار وأقومُ الليل، وأحجُّ كلَّ سنة، ويرى لي كلّ سنة عابد مثلك هذه الرؤيا.
فنفضت يدي في وجهه، وقلتُ: يا مشؤوم، كدتَ تحرق الأرض وما عليها بنارك، وغبتُ عنه بحيث أسمعُ حسّه ولا أرى شخصه فرفع يديه إلى السماء، وقال: يا فارج الهمّ وكاشف الغمّ! يجيب دعوة المضطرين، أعوذُ برضاك مِن سخطك، وبمعافاتك مِن عقوبتك، ولا تقطع رجائي، وتخيب دعائي.
فذهبتُ إلى منزلي ونمتُ، فرأيتُ في المنام قائلًا يقول: يا مالك! لا تقنِّطِ الناسَ مِن رحمة الله، إنَّ الله اطّلع مِن الملأ الأعلى إلى محمّد بن هارون فاستجاب دعوته، وأقال عثرتُه، عُدْ إليه وقل له: إنّ الله يجمع الخلائق يوم القيامة، ويقتصّ للجَمّاء مِن القَرناء، ويجمع بينك وبين والدتك، فيحكم لها عليك، ويذيقك النار، ثمّ يهبك لأمّك[1].