وزِيْنَتِها، وحَرَصْتُ على أَفْضَلِ الأَطْعِمَةِ اللَّذِيْذَةِ والنِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وقد جاء في الأَخْبارِ: إنّ شِدَّةَ سَكَراتِ الْمَوْتِ على قَدْرِ لَذَّاتِ الدُّنيا، فمَنْ أَكْثَرَ مِن هذه أُكْثِرَ له مِن تلك[1].
ثُمَّ يَجِيْءُ وَقْتٌ يُقالُ فيه عَنْك: قد ماتَ فُلانٌ ثُمَّ يُدْعَى الْمُغسِّلُ، فيَأْتِي بالنَّعْشِ، ويُغَسِّلُ الْمَيِّتَ ويُكَفِّنُه، أمّا وَلَدُه فلا يُغَسِّلُ ولا يُكَفِّنُ، لأنَّ والِدَه أَرْسَلَه إلى الْمَدْرَسَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ في طُفُوْلَتِه وصِباه، وعندَما كَبُرَ أَرْسَلَه إلى الْكُلِّيَّةِ، ثُمَّ أَرْسَلَه إلى أمريكا لِلدِّراساتِ الْعُلْيَا، وحَثَّه على نَيْلِ الشَّهاداتِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فلَمَّا لَمْ يُعَلِّمْه الدِّيْنَ مُنْذُ نُعُوْمَةِ أَظْفارِه فكيفَ يُغَسِّلُ الْمَيِّتَ، وهو لا يَعرِفُ سُنَنَ الغُسْلِ، ومِن حَقِّ الوالِدِ على الْوَلََدِ أنْ يُغَسِّلَ أبَاه ويُكَفِّنَه ويُصَلِّيَ عليه، ويُدَفِّنَه بيَدِه، فإذا غَسَّلَ الوَلَدُ أبَاه الْتَزَمَ بالسُّنَنِ، بَيْنَما يُمْكِنُ أنْ يَتَعَجَّلَ مُغَسِّلُ الأَمْواتِ بالتَّغْسِيْلِ والتَّكْفِيْنِ طَمَعًا في الأُجْرَةِ.