تَقُوْلُوْا بعدَ الْمَوْتِ: لَمْ يَكُنْ يُوْجَدُ لَدَيْنا أَيُّ ناصِحٍ، فَلْيَتَّقِ اللهَ أَصْحابُ الذُّنُوْبِ، فإنَّ الْمَعْصِيَةَ سَبَبٌ في سَلْبِ الإيمانِ وكيفَ يَكونُ الحالُ بعدَ سَلْبِه؟ قال اللهُ تعالى في سُوْرَةِ الزُّمَرِ: وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ [الزمر: ٣٩/٥٤].
عمرنا ينقص وأجلنا يقترب
إخوتي الأعزاء! الْحَياةُ لا يُوْثَقُ بها ولو كانَتْ صِحَّتُكم جَيِّدَةً، أَلاَ تَعْلَمُوْن أنّ النَّاسَ يَمُوتُون فَجْأَةً عِنْدَ وُقُوْعِ الزَّلازِلِ وحَوادِثِ السَّيَّاراتِ والحافِلاتِ والقِطاراتِ، وإذا انْفَجَرَتْ قُنْبُلَةٌ أَوْ طائِرَةٌ يَصْعُبُ معرِفَةُ الَّذين ماتُوْا، فلا يُفِيْدُ الْمَنْصَبُ شيئًا، ويَمُوْتُ الإنسانُ فَجْأَةً وتَخْرُجُ هذه الأَنْفاسُ الثَّمِيْنَةُ سريعَةً فكُلُّ نَفَسٍ يُقَرِّبُ مِن أَجَلٍ، بينَما تقولُ: اليومَ عِيْدُ ميلادِ ابْنِي، وتَزْعَمُ أنَّ وَلَدِيْ كَبُرَ، بينَما لا يَكْبُرُ، بَلْ يَصْغُرُ، فعَلى سبيلِ المِثالِ يَعِيْشُ الإنسانُ خَمْسًا وعشرينَ سَنَةً في حَياتِه، ونَقَصَ منها اثْنَتا عَشَرَةَ سَنَةً فكأنَّه عاشَ نصْفَ حَياتِه، طَبْعًا عُمْرُنا يَنْقُصُ وأَجَلُنا