عنوان الكتاب: شرح الصدور

السلام على الموتى أن يقال عليكم السلام بتقديم الصلاة وقد صح الحديث كما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم السلام عليكم دار قوم مؤمنين فيحتاج إلى الجمع حتى إن بعضهم قال هذا أصح من حديث النهي وذهب آخرون إلى أن السنة ما دل عليه حديث النهي وقد أجاب إبن القيم في البدائع بأن كلا من الفريقين إنما أتوا من عدم فهم مقصود الحديث فإن قوله صلى الله عليه وسلم عليك السلام تحية الموتى ليس تشريعا منه وإخبارا عن أمر شرعي وإنما هو إخبار عن الواقع المعتاد الذي جرى على ألسنة الناس في الجاهلية فإنهم كانوا يقدمون إسم الميت على الدعاء كما قال الشاعر.

 عليك سلام الله قيس بن عاصم.

وقوله الذي يرثي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 عليك سلام من أمير وباركت ** يد الله في ذاك الأديم الممزق .

وهو في أشعارهم كثير والإخبار عن الواقع لا يدل على الجواز فضلا عن الإستحباب فتعين المصير إلى ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من تقديم لفظ السلام حين سلم على الأموات قال فإن تخيل متخيل في الفرق أن السلام على الأحياء يتوقع جوابه فقدم الدعاء على المدعو له بخلاف الميت قلنا والسلام على الميت يتوقع جوابه أيضا كما ورد به الحديث.

قال ومن النكت البديعة أن الأحسن في دعاء الخير أن يقدم الدعاء على المدعو له نحو سلام على إبراهيم سلام على نوح سلام عليكم بما صبرتم ودعاء الشر الأحسن فيه تقدم المدعو عليه على المدعو به كقوله تعالى {وَإِنَّ عَلَيۡكَ لَعۡنَتِيٓ}[1] و {عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ} و {فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ} ثم ذكر ذلك سرا ذكرته في أسرار التنزيل.


 

 



[1] سورة ص ، الآية : ٧٨.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

331