عنوان الكتاب: حلاوة العبادة

فإذا أنا برجلٍ جالسٍ وهو يدعو، فقال: يا ربِّ! يا ربِّ! حتى انقطع نفسه، ثمّ قال: يا الله! يا الله! حتّى انقطع نفسه، ثمّ قال: يا حيُّ يا قيّومُ! يا حَيُّ يا قيُّومُ! حتّى انقطع نفسه، ثمّ قال: يا رحمن! يا رحمن! حتّى انقطع نفسه، ثمّ قال: يا أرحم الراحمين! حتّى انقطع نفسه، فلمَّا فرغ قال: اللّهمّ إنّي اشتهيتُ العنبَ فأطعمنيه، وإنّ برديَّ قد خلق فاكسني.

فوالله! ما استتم كلامُه حتَّى نظرتُ إلى سلة مملوءة عنبًا، وليس على الأرض عنبٌ يومئذٍ وبردين موضوعين، فأراد أنْ يأكل فقلتُ: أنا شريكك!

فقال: ولم؟

فقلتُ: لأنّك حين دعوتَ كنتُ أنا أؤمن.

فقال لي: تقدَّم وسمِّ الله تعالى وكُلْ ولا تدّخِر منه شيئًا، فتقدّمْتُ فأكلتُ فإذا عنبٌ لا عجم فيه لم آكل قطّ أطيبَ منه، فأكلتُ حتّى شبعتُ والسلة لم تنقص شيئًا، ثمّ قال لي: خُذْ أحبَّ البردين إليك.

فقلتُ: أمّا البردان فأنا غنيّ عنهما.

ثمّ قال لي: توازعني حتّى ألبسهما، فتواريتُ عنه فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر، ثمّ أخذ البردين اللذين كانا عليه فجعلهما على يديه ومضى، فتبعتُه حتّى أتى المَسعَى فلقيه رجلٌ، فقال له: اكسني كساك الله يا ابن عمّ رسول الله ، فدفعهما إليه، فلحقتُ الرجلَ فقلتُ له: من هذا يرحمك الله؟

قال: هذا سيدنا جعفر بن محمّد رحمها الله تعالى.


 

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

32