عنوان الكتاب: الأمير الصامت

للأسف كُلُّ واحِدٍ منّا يَقِظٌ لِحفْظِ الْمَالِ عادَةً، مَعَ أنّ المالَ لو ضاعَ ففِيْهِ خُسْرَانُ الدُّنْيَا وحَسْبُ، ولكن لِلأَسَفِ الشَّدِيْدِ قَلَّ من يفكِّرُ في حِفْظِ اللِّسَانِ، وطبعًا لا شَكَّ أَنّ الاحتِمَالَ الْقَوِيَّ لِخُسْرَانِ الآخِرَةِ بجَانب خُسْرَانِ الدنيا وارِدٌ بسَببِ عَدَمِ حِفْظِ اللِّسَان.

صلّوا على الحبيب!  صلّى الله تعالى على محمد

كثيرًا ما يندم المتكلم

أيّها الإخوة المسلمون! إنّ احتِمَالَ النَّدَامَةِ على الصَّمْتِ قَلِيْلٌ جدًّا بَيْنَما احْتِمالُ النَّدامَةِ على كثرةِ الكلامِ كَبِيرٌ جدًّا فكثيراً ما يَضْطَرُّ الرجلُ بعدَ كلامِه الكَثِيرِ إلى الاستِسمَاحِ أو يَنْدَمُ بقَلْبهِ ويقول في نَفْسه: لو لَمْ أَتَكَلَّمْ في ذلك الْوَقْتِ لكَانَ حَسَنًا لأنَّه قد ذَهَبَ حيَاءُ مُخَاطَبي أو انْزَعَجَ مِنِّي أو ذَبلَ وجهُه وحَزِنَ قَلْبُه أو قَلَّتْ هَيْبَتِي أَيْضًا بكَثْرَةِ كلامِي، وعن سَيِّدِنَا محمدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ رضي الله عنه قال: «كَثْرَةُ الكلامِ تَذْهَبُ بالْوَقَارِ»[1].


 



[1] ذكره أبو بكر عبد الله بن محمد في رسالته "كتاب الصمت وآداب اللسان"، (موسوعة الإمام ابن أبي الدنيا)، ٧/٦٠، (٥٢).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

51