للحرب والقتل فلماذا يعاد عليه السؤال في القبر قاله الحكيم الترمذي.
قال القرطبي وإذا كان الشهيد لا يسأل فالصديق أجل قدرا وأعظم خطرا فهو أحرى أن لا يفتن لأنه المقدم ذكره في التنزيل على الشهداء وقد جاء في المرابط الذي هو أقل مرتبة من الشهيد أنه لا يفتن فكيف بمن هو أعلى مرتبة منه ومن الشهيد هذا كله كلام القرطبي.
قلت وقد صرح الحكيم بأن الصديقين لا يسألون وعبارته ثم قال تعالى {وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ}[1] وتأويله عندنا والله أعلم أن من مشيئته أن يرفع مرتبة أقوام عن السؤال وهم الصديقون والشهداء وما نقله عن الحكيم الترمذي في توجيه حديث الشهيد يقتضي إختصاص ذلك بشهيد المعركة لكن إقتضت أحاديث الرباط التعميم في كل شهيد.
وقد جزم شيخ الإسلام إبن حجر في كتاب بذل الماعون في فضل الطاعون بأن الميت بالطعن لا يسأل لأنه نظير المقتول في المعركة وبأن الصابر في الطاعون محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب له إذا مات فيه بغير الطعن لا يفتن أيضا لأنه نظير المرابط هكذا ذكره وهو متجه جدا.
وقال الحكيم الترمذي في توجيه حديث المرابط إنه قد ربط نفسه وسجنها وصيرها حبيسا لله في سبيله لمحاربة أعدائه فإذا مات على هذا فقد ظهر صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر.
قال ومن مات يوم الجمعة فقد إنكشف الغطاء عما له عند الله لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار ما يعمل في سائر الأيام فإذا قبض الله عبدا من عبيده فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلا لسعادته وحسن مآبه لأنه لا يقبض في هذا اليوم العظيم إلا من كتب الله له السعادة عنده فلذلك يقيه فتنة القبر لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن إنتهى.