عنوان الكتاب: شرح الصدور

الدنيا وأنه يؤمر بجعل الأرواح في مستقرها فدل على أن الأرواح ليس محل إستقرارها في السماء الدنيا.

وزعم إبن حزم أن الله خلق الأرواح جملة قبل الأجساد وأنه جعلها في برزخ وذلك البرزخ عند منقطع العناصر بحيث لا ماء ولا هواء ولا تراب ولا نار وأنه إذا خلق الأجساد أدخل فيها تلك الأرواح ثم يعيدها عند قبضها إلى ذلك البرزخ وتعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة وهذا قول لم يقله أحد من المسلمين ولا هو من جنس كلامهم وإنما هو من جنس كلام المتفلسفة.

وحكي عن طائفة من المتكلمين أن الأرواح تموت بموت الأجساد ونسب إلى المعتزلة وقال به جماعة من فقهاء الأندلس قديما منهم عبد الأعلى بن وهب بن محمد بن عمر بن لبابة ومن متأخريهم كالسهيلي وأبي بكر بن العربي وقد اشتد نكير العلماء لهذه المقالة حتى قال سحنون بن سعيد وغيره هذا قول أهل البدع والنصوص الكثيرة الدالة على بقاء الأرواح بعد مفارقتها للأبدان ترد ذلك وتبطله والفرق بين حياة الشهداء وغيرهم من المؤمنين الذين أرواحهم في الجنة من وجهين.

أحدهما: أن أرواح الشهداء تخلق لها أجساد وهي الطير التي تكون في حواصلها ليكمل بذلك نعيمها ويكون أكمل من نعيم الأرواح المجردة عن الأجساد فإن الشهداء بذلوا أجسادهم للقتل في سبيل الله فعوضعوا عنها بهذه الأجساد في البرزخ.

والثاني: أنهم يرزقون من الجنة وغيرهم لم يثبت في حقه مثل ذلك وإن جاء أنهم يعلقون في شجر الجنة فقيل معناه التعلق وقيل الأكل من الشجر وبكل حال فلا يلزم مساواتهم للشهداء في كمال تنعمهم في الأكل والله أعلم.

وأما ما أخرجه إبن السني عن إبن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المقابر قال السلام عليكم أيتها الأرواح الفانية والأبدان البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بالله مؤمنة اللهم أدخل


 

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

331