التعبير عن المستقبل بلفظ اسم المفعول كقوله تعالى: (﴿ذَٰلِكَ يَوۡمٞ مَّجۡمُوعٞ لَّهُ ٱلنَّاسُ﴾ [هود:١٠٣]) مكان ½يجمع¼، وههنا بحث[1] وهو أنّ كلاًّ من اسمَيِ الفاعل والمفعول قد يكون بمعنى الاستقبال وإن لم يكن ذلك بحسَب أصل الوضع فيكون كلٌّ منهما[2] ههنا واقعاً في موقعه وارداً على حسَب مقتضى الظاهر! والجواب أنّ كلاًّ منهما حقيقة فيما تحقّق فيه وقوع الوصف[3] وقد استعمل ههنا فيما لم يتحقّق مجازاً تنبيهاً على تحقّق وقوعه (ومنه) أي: من خلاف مقتضى الظاهر (القلب) وهو أن يجعل[4] أحد أجزاء الكلام مكان الآخر والآخر مكانه (نحو: ½عرضتُ الناقة على الحوض¼) أي: أظهرته عليها[5] لتشرَب (وقبِله) أي: القلب
[1] قوله: [وههنا بحث] هذا البحث وجوابه الآتي يأتيان في الماضي المعبَّر به عن المستقبل فما وجه تخصيصهما باسمي الفاعل والمفعول؟
[2] قوله: [كلٌّ منهما إلخ] أي: من اسمي الفاعل والمفعول, وهذا تفريع على قوله ½قد يكون بمعنى الاستقبال¼ أي: وإذا كان يأتي كلّ منهما بمعنى الاستقبال فيكون كلٌّ منهما إلخ. قوله ½والجواب أنّ إلخ¼ هذا جواب بالمنع لقوله ½فيكون كلٌّ منهما إلخ¼ وحاصله أنا لا نسلِّم أنّه إذا استعمل أحدهما في الاستقبال على خلاف أصل الوضع كان واقعاً موقعه بل هو واقع على خلاف مقتضى الظاهر.
[3] قوله: [فيما تحقّق فيه وقوع الوصف] أي: في موصوف حصل فيه الحدث بالفعل. قوله ½فيما لم يتحقّق¼ أي: فيما لم يتحقّق فيه وقوع الوصف أي: في موصوف لم يحصل فيه الحدث بالفعل بل سيحصل. قوله ½مجازاً¼ أي: والمجاز خلاف مقتضى الظاهر, فمحصل الجواب أنّه وإن جاز استعمالهما بمعنى الاستقبال لكنه على وجه المجاز الذي هو خلاف مقتضى الظاهر.
[4] قوله: [وهو أن يجعل إلخ] بأن يثبت لأحد الجزأين حكم الجزء الآخر وعكسه لا مجرّد تبديل المكان كما في عكس القضية, وذلك كما في المثال فإنّ الناقة والحوض يشتركان في حكم مطلق العرض إلاّ أنّ الحكم الثابت للحوض هو العرض بلا واسطة حرف الجرّ فيكون معروضاً وللناقة هو العرض بواسطة حرف الجرّ فتكون معروضاً عليها وقد قلب ذلك وأثبت لكلٍّ حكم الآخر, ومن نظائر هذا قولهم: ½أدخلت الخاتم في الأصبع¼ و½أدخلت القلنسوة في الرأس¼.
[5] قوله: [أي: أظهرته عليها] أي: أظهرته لها بمعنى أريتها إيّاه, وفيه إشارة إلى أصل التركيب وهو ½عرضت الحوض على الناقة¼, والسبب في القلب هنا أنّ المعتاد أن يؤتى بالمعروض للمعروض عليه ولمّا كانت الناقة يؤتى بها للحوض والحوض باق في محلِّه نزل كلّ واحد منهما منزلة الآخر فجعلت الناقة كأنها معروضة والحوض كأنه معروض عليه.