ما يعمّ الإيجاز والمساواة كما مرّ (لم يذكر ½ويؤمنون به¼ لأنّ إيمانهم لا ينكره) أي: لا يجهله[1] (من يثبتهم) فلا حاجة إلى الإخبار به لكونه معلوماً (وحَسُن ذكره) أي: ذكر قوله: ½ويؤمنون به¼ (إظهاراً لشرف الإيمان وترغيباً فيه) وكونُ هذا الإطناب بغير ما ذكر من الوجوه السابقة ظاهرٌ بالتأمّل فيها[2] (واعلم أنه قد يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار قلّة حروفه وكثرتها[3] بالنسبة إلى كلام آخر مساوٍ له) أي: لذلك الكلام (في أصل المعنى) فيقال للأكثر حروفاً إنّه مُطنَب وللأقلّ إنّه مُوجَز[4] (كقوله: يَصِدُّ) أي: يُعرِض[5]
[1] قوله: [أي: لا يجهله] لمّا لم يكن نفي الإنكار مستلزماً لما هو المراد هنا وهو العلم فسّره بما يستلزمه وهو نفي الجهل. قوله ½لكونه معلوماً¼ أي: عند المخاطب, وأيضاً تسبيحهم وحمدهم يدلاّن على إيمانهم به تعالى.
[2] قوله: [بالتأمّل فيها] أي: بالتأمّل في الآيةِ والوجوهِ السبعة السابقة, أمّا أنه ليس من الإيضاح بعد الإبهام ولا من التكرار فواضح, وأمّا أنه ليس من الإيغال فلأنه ليس ختماً للكلام إذ قوله ﴿يَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ﴾ [المؤمن:٧] معطوف على ما قبله, وأمّا أنه ليس من التذييل فلعدم اشتمال جملة ½ويؤمنون به¼ على معنى ما قبلها بل معناها لازم لما قبلها, وأمّا أنه ليس من التكميل فلأنه ليس لدفع الإيهام, وأمّا أنه ليس من التتميم فلأنه ليس بفضلة, وأمّا أنه ليس من الاعتراض فمشكل لأنّ جملة ½يستغفرون للذين آمنوا¼ معطوفة على جملة ½يسبِّحون¼ فيكون ما بينهما اعتراضاً, والتخلّص من هذا الإشكال أن يجعل الواو في ½ويؤمنون به¼ للعطف بحكم التبادر لا للاعتراض.
[3] قال: [باعتبار قلّة حروفه وكثرتها إلخ] أي: كما يوصف بهما باعتبار تأدية المراد بلفظ ناقص عنه وافٍ به وباعتبار تأديته بلفظ زائد عليه لفائدة. قال: ½بالنسبة إلى كلام آخر إلخ¼ راجع للكثرة والقلّة.
[4] قوله: [وللأقلّ إنّه مُوجَز] أي: وإن كان كلّ منهما على التفسير الأوّل مساواةً أو إيجازاً أو إطناباً, وفي هذا الكلام دلالة على أنّ المراد بوصف الكلام بالإيجاز والإطناب وصفه بالمشتقّ منهما.
[5] قوله: [أي: يُعرِض] أي: يُعرِض هذا الممدوح, ومعنى البيت أنه يعرض عن الدنيا التي فيها الراحة والنعمة إذا ظهر له سيادة ورفعة بغير تلك الدنيا طلباً للسيادة ولو برزت أي: ولو ظهرت تلك الدنيا في أحسن صفة تشتهي بها لأنّ المرأة أقوى ما تشتهي إذا كانت عذراء ناهداً.