حيث وجده خالياً (وإن كان) المخاطَب (متردّداً فيه) أي: في الحكم (طالباً له) بأن حضر في ذهنه طرفا الحكم وتحيّر في أنّ الحكم بينهما وقوع النسبة أو لاوقوعها (حَسُن تقويته) أي: تقويته الحكم (بمؤكِّد) ليُزِيل ذلك المؤكِّدُ تردّدَه ويتمكّن الحكم، لكنّ[1] المذكور في "دلائل الإعجاز" أنه إنّما يحسن التأكيد إذا كان للمخاطَب ظنّ في خلاف حكمك (وإن كان) المخاطَب (مُنكِراً) للحكم (وجب توكيده) أي: توكيد الحكم (بحسَب الإنكار) أي: بقدره قوّةً وضعفاً يعني يجب[2] زيادة التأكيد بحسَب ازدياد الإنكار إزالةً له (كما قال الله تعالى حكاية عن رسل عيسى على نبيّنا وعليه السلام) حين أرسلهم إلى أهل أنطاكية (إذ كُذِّبوا في المرّة الأولى: ﴿إِنَّآ إِلَيۡكُم مُّرۡسَلُونَ﴾[يس:١٤]) مؤكَّداً بـ½إنّ¼ واسميّةِ الجملة[3] (وفي) المرّة (الثانية) ﴿رَبُّنَا يَعۡلَمُ (إِنَّآ إِلَيۡكُمۡ لَمُرۡسَلُونَ﴾[يس:١٦]) مؤكَّداً بالقسمِ و½إنّ¼ واللامِ واسميّةِ الجملة لمبالغة المخاطَبين في الإنكار حيث قالوا: ﴿مَآ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا وَمَآ أَنزَلَ ٱلرَّحۡمَٰنُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَكۡذِبُونَ﴾ [يس:١٥]، وقوله[4]: ½إذ كذّبوا¼ مبنِيّ على أنّ
[1] قوله: [لكنّ إلخ] يعني أنّ المذكور فيه ينافي لما ذكره القوم والمصـ لأنّ ما فيه يقتضي أنّ التأكيد لا يجوز للمتردِّد كما لا يجوز لخالي الذهن, وكلام القوم يقتضي أنّ التأكيد له جائز بل مستحسن.
[2] قوله: [يعني يجب إلخ] إشارة إلى أنّ ½بحسب¼ متعلِّق بمحذوف أي: وجب زيادة التوكيد بحسب إلخ.
[3] قوله: [واسميّة الجملة] أي: وبكون الجملة اسميّة لا صيرورتها اسميّة لأنه لا يشترط في التأكيد بها كونها معدولة عن الفعليّة كما وهم كذا في "عبد الحكيم". قوله ½مؤكِّداً بالقسم¼ وهو قولهم ½ربنا يعلم¼, ذكر في "الكشّاف" أنّ ½ربنا يعلم¼ جار مجرى القسم في التأكيد كـ½شهد الله¼, أو المراد بالقسم القسم الحكميّ لأنّ قولهم ½ربنا يعلم¼ في قوّة قولهم ½نقسم بعلم ربنا¼ أو ½بربّنا العليم¼.
[4] قوله: [وقوله] أي: وقول المصـ ½إذ كذّبوا¼ بصيغة الجمع دون أن يقول ½إذ كذّبا¼ بصيغة التثنية مع أنّ المكذَّب أوّلاً اثنان وهما بَوْلَش ويحيى, والثالث الذي عزّزهما به هو شمعون. قوله ½أنّ تكذيب الاثنين تكذيب الثلاثة¼ لأنّ ما جاء به الثالث عين ما جاء به الاثنان فتكذيب أحد منهم تكذيب الكلّ.