يقال: ½استشرف فلان الشيء¼ إذا رفع رأسه ينظر إليه ويبسط كفّه فوق حاجبيه كالمستظلّ من الشمس (استشراف الطالب المتردِّد نحو: ﴿وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ) [هود:٣٧] أي: ولا تدعني[1] يا نوح في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك، فهذا الكلام[2] يلوح بالخبر تلويحاً ويشعر بأنه قد حقّ عليهم العذاب فصار المقام مقامَ أن يتردّد المخاطَب في أنّهم هل صاروا محكوماً عليهم بالإغراق أم لا فقيل: (إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ﴾ [هود:٣٧]) مؤكَّداً أي: هم محكوم عليهم بالإغراق (و) يجعل[3] (غير المنكر كالمنكر إذا لاح) أي: ظهر (عليه) أي: على غير المنكر (شيء من أمارات الإنكار نحو) قول حجل بن نضلة[4] (جَاءَ شَقِيْقٌ) اسم رجل (عَارِضاً رُمْحَهُ *) أي: واضعاً على العرض، فهو لا ينكر أنّ في بني عمِّه رماحاً لكنّ مجيئه واضعاً للرمح على العرض من غير التفات وتهيّؤ أمارةُ أنه يعتقد أن
[1] قوله: [أي: لا تدعني إلخ] إشارة إلى أنّ المراد بالنهي عن المخاطبة في شأن القوم النهي عن الدعاء والشفاعة لهم من إطلاق العامّ وإرادة الخاصّ. قوله ½في شأن قومك¼ إشارة إلى أنّ في الآية حذفَ مضاف وأنّ المراد بـ½الذين ظلموا¼ قومه, وشأنهم هو دفع العذاب عنهم فقوله ½واستدفاع العذاب إلخ¼ عطف تفسير لما قبله والسين والتاء فيه زائدتان.
[2] قوله: [فهذا الكلام إلخ] أي: قوله ½ولا تخطبني في الذين ظلموا¼. قوله ½يلوح بالخبر¼ أي: يشير إلى جنسه وهو كونهم محكوماً عليهم بالإغراق. قوله ½ويشعر بأنه إلخ¼ من عطف العلّة على المعلول. قوله ½فصار المقام¼ أي: صار المقام بسبب التلويح مظنّة للتردّد والطلب وإن لم يتردّد ولم يطلب المخاطب بالفعل. قوله ½في أنهم¼ أي: في جواب أنهم إلخ.
[3] قوله: [يجعل] إشارة إلى أنّ قوله ½غير المنكر¼ عطف على قوله ½غير السائل¼. قوله ½أي: ظهر¼ تفسير اللفظ. قوله ½على غير المنكر¼ إشارة إلى المرجع.
[4] قوله: [قول حجل بن نضلة] تعيين للشاعر. قوله ½اسم رجل¼ أي: ليس المراد به شقيق النعمان الذي هو نوع من أنواع الرياحين. قوله ½واضعاً على العرض¼ بأن جعله وهو راكب على فخذيه بحيث يكون عرض الرمح في جهة الأعداء. قوله ½عُزْل¼ جمع ½أعزل¼ وهو الذي لا سلاح له.