لا رمح فيهم بل كلّهم عُزْل لا سلاح معهم، فنُزِّل منزلة المنكر وخُوطِب خطاب التفات[1] بقوله: (إِنَّ بَنِيْ عَمِّكَ فِيْهِمْ رِمَاحُ) مؤكَّداً بـ½إنّ¼، وفي البيت على ما أشار إليه الإمام المرزوقيّ تهكّم واستهزاء[2] كأنه يرميه بأنّه من الضعف والجبن بحيث لو علم أنّ فيهم رماحاً لَما التفت لِفت الكِفاح ولَم تقو يده على حمل الرماح على طريقة قوله[3]: فَقُلْتُ لِمُحْرِزٍ لَمّا الْتَقَيْنَا * تَنَكَّبْ لاَ يَقْطُركَ الزِحَامُ، يرميه بأنه لَم يباشر الشدائد ولَم يدفع إلى مضائق المجامع[4] كأنه يخاف عليه أن يُداس بالقوائم كما يخاف على الصِبيان والنساء لقلّة غَنائه وضعف بَنائه (و) يجعل[5] (المنكر كغير المنكر إذا كان معه) أي: مع المنكر (ما إن تأمّله) أي:
[1] قوله: [خطاب التفات إلخ] أي: خطاب ملتفت من الغيبة إلى الخطاب لأن الظاهر أن يقول إنّ بني عمّه. قوله ½مؤكَّداً بـإنّ¼ لم يقل ½وباسميّةِ الجملة¼ لأنها إنما تكون مؤكِّدة عند قصد التأكيد بها ولم يتحقّق.
[2] قوله: [تهكّم واستهزاء] أي: من الشاعر بشقيق, لأنّ مثل هذا الكلام أعني قوله ½إنّ بني عمّك إلخ¼ إنما يقال لمن يخاف به عند سماعه. قوله ½كأنه يرميه بأنه من الضعف إلخ¼ ½كأنّ¼ للتحقيق و½مِنْ¼ بمعنى الباء أي: لأنّ الشاعر ينسبه إلخ. قوله ½والجبن¼ عطف تفسير. قوله ½بحيث إلخ¼ بدل اشتمال ممّا قبله. قوله ½لفت الكفاح¼ اللِفت الجانب ونصبه بنزع الخافض والكِفاح المحاربة أي: لما انصرف إلى جهة القتال.
[3] قوله: [على طريقة قوله] متعلِّق بمحذوف صفة للتهكّم, أي: في البيت تهكّم آتٍ على طريقة التهكّم في قوله إلخ. قوله ½محرز¼ اسم رجل من بني ضبّة. قوله ½لمّا التقينا¼ أي: في حال المحاربة. قوله ½تنكّب¼ مفعوله محذوف أي: تنكّب القتال وانصرف عنه. قوله ½لا يقطرك الزحام¼ التقطير الإلقاء على الأرض والزحام مصدر بمعنى المزاحمة أي: مزاحمة الجيش بخيلها عند القتال.
[4] قوله: [ولم يدفع إلى مضائق المجامع] المجامع جمع مجمع بمعنى محلّ الاجتماع أي: ولم يدفع إلى المواضع الضيّقة التي يجتمع فيها الناس كمواضع الحروب, وهذا لازم لما قبله. قوله ½أن يداس¼ من الدوس وهو جعل الشيء تحت الأقدام. قوله ½غَنائه¼ أي: نفعه. قوله ½بَنائه¼ أي: ذاته.
[5] قوله: [يجعل] إشارة إلى أنّ قوله ½المنكر¼ عطف على قوله ½غير السائل¼. قوله ½أي: مع المنكر¼ إشارة إلى مرجع الضمير. قوله ½أي: شيء إلخ¼ إشارة إلى أنّ قوله ½مَا¼ عبارة عن شيء من الدلائل, وأنّ ضمير ½تأمّله¼ المرفوع للمنكر وضميره المنصوب لـ½مَا¼ التي هي عبارة عن شيء من الدلائل, وقوله ½والشواهد¼ عطف تفسير لما قبله, ولعلّ نكتة هذا التفسير الإشارة إلى أنّ المراد بالدلائل ما يشمل القرائن ونحوها وليس المراد بها خصوص الأدلّة الاصطلاحيّة, ثمّ ليس المراد بالدليل الدليل المنطقي وهو ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر بل المراد به الدليل الأصولي وهو ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبريّ.