فيه¼ أنه ليس القرآن بمظنّة للريب ولا ينبغي أن يرتاب فيه، وهذا الحكم ممّا ينكره كثير من المخاطَبين لكن نُزِّل إنكارهم منزلة عدمه لِما معهم من الدلائل الدالّة على أنه ليس ممّا ينبغي أن يرتاب فيه، والأحسن أن يقال: إنه[1] نظير لتنزيل وجود الشيء منزلة عدمه بناءً على وجود ما يزيله فإنّه نُزِّل ريب المرتابين منزلة عدمه تعويلاً على وجود ما يزيله حتّى نفي الريب على سبيل الاستغراق كما نُزِّل الإنكار منزلة عدمه لذلك حتّى صحّ ترك التأكيد (وهكذا) أي: مثل[2] اعتبارات الإثبات (اعتبارات النفي) من التجريدِ عن المؤكِّدات في الابتدائيّ وتقويتِه بمؤكِّد استحساناً في الطلبيّ ووجوبِ التأكيد بحسَب الإنكار في الإنكاريّ تقول لِخالِي الذهن: ½ما زيد قائماً¼ أو ½ليس زيد قائماً¼ وللطالب: ½ما زيد بقائم¼ وللمنكر: ½والله ما زيد بقائم¼ وعلى هذا القياس[3]
[1] قوله: [إنه] أي: ½لا ريب فيه¼. قوله ½نظير لتنزيل إلخ¼ اللام فيه لام الأجل وصلةُ النظير محذوف أي: إنه نظير لتنزيل الإنكار منزلة عدمه لأجل تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه فالمقصود من التعليل بيان وجه الشبه بين النظيرين, وتفصيل المقام أنّ ما نحن فيه هو جعل الإنكار كلاإنكار تعويلاً على ما يزيله, وقد جعل في الآية الريب كلاريب تعويلاً على ما يزيله, فهُما جزئيّان لجعل وجود الشيء كعدمه اعتماداً على ما يزيله ويصلحان مثالين له ولا يصلح أحدهما مثالاً للآخر بل نظيراً له يشابه في الاشتمال على جعل وجود الشيء كعدمه اعتماداً على ما يزيله, وإنما جعل الشارح التنظير أحسن لأنه لا يحتاج إلى التأويل, ولأنه ذكر المصـ بعد ذلك ½وهكذا اعتبارات النفي¼ وهو يقتضي بظاهره أن لا يسبقه شيء من اعتبارات النفي أي: أمثلته, وعلى تقدير جعل الآية مثالاً لما نحن فيه يكون من اعتبارات النفي.
[2] قوله: [أي: مثل إلخ] أي: مثل أمثلة الاعتبارات الواقعة في الإثبات أي: في الكلام المثبت من ترك التأكيد مع الخالي والتأكيد استحساناً مع المتردِّد ووجوباً بقدر الإنكار مع المنكر, قال ½اعتبارات النفي¼ أي: أمثلة الاعتبارات الواقعة في النفي أي: في الكلام المنفيّ من تجريد عن المؤكِّدات إلخ.
[3] قوله: [وعلى هذا القياس] بالرفع مبتدأ وخبر, وبالجرّ بدل من اسم الإشارة والجارّ متعلِّق بمحذوف أي: واجر على هذا القياس, وبالنصب مفعول لمحذوف أي: واجر إلى هذا أعني القياس, وأشار الشارح بذلك إلى أنه قد ينزّل غير المنكر منزلة المنكر فيؤكّد معه النفي كقولك لغير منكر لعدم كون زيد بالبلد: ½والله ما زيد بالبلد¼, والحاصل أنّ الصور الاثنتي عشرة الجارية في تخريج الكلام على مقتضى الظاهر وعلى خلافه في الإثبات تجري في النفي.