شيء من الدلائل والشواهد إن تأمّل المنكر ذلك الشيء (ارتدع) عن إنكاره، ومعنى كونه معه أن يكون معلوماً له[1] ومشاهَداً عنده كما تقول لمنكر الإسلام: ½الإسلام حقّ¼ من غير تأكيد؛ لأنّ مع ذلك المنكر دلائلَ دالّة على حقّية الإسلام، وقيل[2] معنى كونه معه أن يكون موجوداً في نفس الأمر، وفيه نظر لأنّ مجرّد وجوده لا يكفي في الارتداع ما لَم يكن حاصلاً عنده، وقيل معنى[3] ½ما إن تأمّله¼ شيء من العقل، وفيه نظر؛ لأنّ المناسب حينئذ أن يقال: ½ما إن تأمّل به¼ لأنه لا يتأمّل العقل بل يتأمّل به (نحو: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ [البقرة:٢]) ظاهرُ هذا الكلام أنه مثال[4] لجعل منكر الحكم كغيره وترك التأكيد لذلك، وبيانه أنّ معنى ½لا ريب
[1] قوله: [أن يكون معلوماً له] هذا بالنظر للأدلّة العقليّة. قوله ½ومشاهداً عنده¼ هذا بالنظر للأدلّة الحسيّة. قوله ½كما تقول¼ ½مَا¼ فيه مصدريّة أي: كالتنزيل الذي في قولك إلخ لأنّ المقصود التمثيل للتنزيل المذكور في المتن. قوله ½دلائل دالّة إلخ¼ كإعجاز القرآن الدالّ على صدق النبيّ فيما جاء به.
[2] قوله: [وقيل إلخ] هذا وجه ثان في معنى قوله ½كان معه¼. قوله ½أن يكون موجوداً إلخ¼ أي: سواء كان معلوماً له أو لا. قوله ½وفيه نظر¼ أي: في القيل نظر لأنّ مجرّد إلخ, وحاصله أنّه لا بدّ في التنزيل من علم الدلائل بالفعل عند الشارح ويكفي وجود الدلائل في نفس الأمر على هذا القيل.
[3] قوله: [وقيل معنى إلخ] هذا وجه ثان في معنى ½مَا¼. قوله ½حينئذ¼ أي: حين إذ فسّر ½مَا¼ بـ½شيء من العقل¼, وفي قوله ½لأنّ المناسب¼ إشارة إلى صحّة هذا القيل بالتأويل بأن حمل على الحذف والإيصال والأصل: ½تأمّل به¼ فحذف الباء وأوصل الضمير بالفعل, أو يقال مراده بالعقل الأدلّة العقليّة.
[4] قوله: [أنه مثال] وجزئيّ من جزئيّات القاعدة, ووجه كون ذلك ظاهراً أنّ المتبادر من ذكره بـ½نحو¼ بعد بيان القاعدة أنه مثالها. قوله ½وبيانه¼ أي: بيان كونه مثالاً لجعل المنكر كغيره, وحاصل البيان أنّ جعله مثالاً له يحتاج إلى تأويل ½لا ريب فيه¼ بـ½ليس القرآن مظنّة للريب¼؛ لأنّ الحكم الذي يجعل فيه الإنكار كلاإنكار يجب أن يكون مطابقاً للواقع والمطابق للواقع هو ½ليس القرآن مظنّة للريب¼ بخلاف ½لا ريب فيه¼ بمعنى أنه لم يقع فيه ريب من أحد فإنه غير مطابق للواقع لكثرة المرتابين فيه, فلا يكون من جعل المنكر كغيره.