عنوان الكتاب: الفتاوى المختارة من الفتاوى الرضوية

الطحطاوي في حاشية "الدرّ"[1]: يکره ذلك –أي: التفضيل- عند تساويهم في الدرجة کما فی "المنح" و"الهندية". إلخ.فانظر کيف عزا الکراهة إلی "الهندية" فقد علم أنّ الفتوی ليست ناظرة إلی قول أبي يوسف بالنظر إلی ما روي عن الإمام وإلاّ لَما ساغ أن يعزو إليها ما نصت فيه أنّ الفتوی علی خلافه وهذا هو الصواب فليتنبّه.ثمّ أقول وبالله التوفيق: يتراءي لي أن لا خلف بين ما عن الإمامين الشيخين رضي الله تعالى عنهما؛ فإنّ تفضيل أحد الولدين لا تحقّق له إلاّ بتنقيص الآخر والتنقيص إضرار؛ إذ ليس المراد به إيصال سوء إليه في دينه أو نفسه أو بدنه أو عرضه أو ملكه ولا التنقيص من حقّ له ثابت فإنّه لا حقّ للورثة في صحّة المورث فلم يُرد به إلاّ حجبه: حجب نقصان أو حرمان، وهذا لازم التفضيل لا انفكاك له عنه، بيدَ أنّ القصد أوّلاً وبالذات قد يتعلّق بتفضيل هذا دون تنقيص ذلك وقد يكون بالعكس فإنّك إذا أعطيت أحدهما أزيد؛ لأنّه أطوع لك وأبرّ بك فإنّما مطمح نظرك في هذا صلته بمقابلة ما وقع منه لا تنقيص غيره وإن لزمه لزوماً كلياً، وإذا كنت غضبان على أحدهما فأعطيت الآخر أزيد كي لا يصل إليه إلاّ القليل فإنّما ملمح بصرك في هذا إضراره بما أساء إليك لا تفضيل غيره قصداً أوّلياً كما لا يخفى ثُمّ التفضيل لا بدّ له من حامل عليه وداعٍ إليه فإنّ العاقل لا يقصد الفعل إلاّ لغرض صحيح فإن رجّح ولا مرجّح لم يكن المقصود ترجيحه لعدم ما يدعو إليه بل تنقيص غيره وهو قصد الإضرار والداعي إن كان أمراً دنيوياً لا أثر له في الدِّين فالشرع لا يعتبره ويجعله كَلَا داعٍ وإذا كان أمراً دينياً فهو المقصد الصحيح المعتبر وبقصده يخرج الإنسان عن قصد الإضرار كما قد تقرّر فظهر أنّ مآل الكلامين واحد وأنّ كلامهما§ كالشرح لصاحبه وإنّما لَم يقيّد فيما روي عن الإمام

 

 



[1] "طحطاوي على الدرّ"، كتاب الهبة, ٣/ ٣٩٩.

§ في النسخة القديمة من "الفتاوى الرضوية": وإنّ كلاًّ منهما.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

135