عنوان الكتاب: لمع الأحكام أن لا وضوء من الزكام

هذين القيدين الحدث أعمّ مطلقًا، أي: كلّ ما كان نجسًا بالخروج مِن بدن المكلّف فهو حدثٌ، و[عكسها]: ليس كُلُّ حدثٍ نجسًا بسبب الخروج كالريح ((فإنَّ عينَها طاهرةٌ على الصحيح)) في القضيّة المذكورة لم يرد العلماء الكرام إلّا هذه الصورة، ولهذا لم يقولوا بعكس الكلّيّة.

[۲] وإنْ خصّصناه بالرطوبة إضافة إلى القيود المذكورة فالنسبةُ بينهما تساويٌّ[1]، كلّ رطوبةٍ جاءت مِن بدن المكلّف إنْ كانت نجسة بالخروج فهي حدث أيضًا بالضرورة، وإنْ كانت حدثًا لكانت نجسة بالضرورة، فهنا يصحّ الاستدلال بانتفاء أحدهما على انتفاء الآخر، ولهذا لا يمكن أن يكون المخاط الذي ليس بنجس ناقضًا للوضوء ألبَتَّةَ، وبالله التوفيق.

[۳] وإنْ لم نقيّد النجسَ بـ(النجس بالخروج) بل نقيّده بـ(الخروج عن بدن المكلّف) فالآن أيضًا بينهما نسبةُ عموم من وجهٍ، فإنّ الريح حدثٌ وليس بنجسٍ، وإنْ شرب أحد الخمر -معاذ الله- ثم تقيّأ منه قليلًا دون ملأ الفم فهو نجسٌ وليس بحدثٍ، أي: لا ينتقض به


 

 



[1] نسبة التساوي: وهي النسبة بين معنى ومعنى آخر مخالف له في المفهوم، إلّا أنّهما متّحدان في المصادق، فكلّ منهما ينطبق على جميع ما ينطبق عليه الآخر مِن أفراد، مثلًا: ضاحك بالقوّة وناطق بالقوّة، فمعنى كلّ منهما مخالف لمعنى قرينه، إلّا أنّ الأفراد التي ينطبق عليها كلّ منهما هي الأفراد التي ينطبق عليها الآخر دون زيادة ولا نقصان، ["ضوابط المعرفة والأصول"، النسب في دائر المعاني والألفاظ، ص ٤٨].




إنتقل إلى

عدد الصفحات

56