الدنيا زاهدًا، وفي الآخرة راغبًا، واصدق الله تعالى في جميع أمورك تنج مع الناجين، ثمّ مضى فسألتُ من هذا؟
فقالوا: هو الإمام الشافعي رحمه الله تعالى[1].
سبحان الله! ما أحسن هذه النصائح القلبيّة الرقيّة! وفقّنا الله سبحانه وتعالى للعمل بها، آمين ياربّ العالمين.
أيّها الإخوة! يتّضح لنا من هذه القصّة المحرّكة للإيمان أنّه كان شديد الحرص على الدعوة إلى الخير، تعالوا بنا لنرى! كيف أنّه رأى رجلًا يخطِئ في الوضوء فرغّبه في تصحيح الوضوء مع أنّه كان مجرّد عابر سبيل ولم يأت لتعليمه خاصّة، فاتّضح أنّ المبلّغ لدين الله والناصح يبلّغ الناس في كلِّ مكان بحكمةٍ وعلمٍ، وليس من الضروريّ أنْ ندعو إلى الخير حينما نكون في "الرحلة الدعويّة" فقط في منطقتنا لنشر الخير، أو ندعو إلى الخير حينما نكون من المشاركين في "القافلة المدنيّة"، بل ينبغي لنا أنْ ندعو إلى الخير إذا رأينا المنكر في أيّ مكان بالحكمة وحسن الخُلُق والرفق ونمنعهم منه.
انظروا! ما أحسن هذه النصيحة التي علّمَنا إيّاها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى! وأنّ مَن يعمل عملًا صالحًا ويدعو الآخرين إلى الخير، يقي نفسه من المعصية ويحثّ الآخرين على اجتنابها، ومَن يقيم في حدود الله
[1] "إحياء علوم الدين"، كتاب العلم، الباب الثاني في العلم المحمود والمذموم وأقسامهما وأحكامهما، ١/٤٥.