عنوان الكتاب: عشّاق تلاوة القرآن الكريم

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَجَلَسْتُ فِي بَيْتٍ آخَرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بَابٌ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ﴿تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّٗا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادٗاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِينَ ٨٣]القصص: ٨٣[، ثُمَّ هَدَأَ.

فَجَعَلْتُ لَا أَسْمَعُ لَهُ حَرَكَةً وَلَا كَلَامًا.

فَقُلْتُ لِوَصِيفٍ كَانَ يَخْدُمُهُ: وَيْلَكَ! اُنْظُرْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَائِمٌ هُوَ؟

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ صَاحَ، فَوَثَبْتُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، قَدِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَأَغْمَضَ نَفْسَهَ، وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فِيهِ، وَالْأُخْرَى عَلَى عَيْنَيْهِ [1] .

النموذج الرابع: حبّ سيدنا الإمام أبو حنيفة للقرآن الكريم

وورد في وصف كثرة اجتهاد سيدنا أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى في العبادة أنّه صلّى صلاةَ الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وكان رحمه الله تعالى يختم كلَّ يومٍ وليلةٍ ختمةً، وفي رمضان ويوم العيد اثنين وستّين ختمة [2] ، وأنّه رحمه الله تعالى حجّ خمسًا وخمسين حجّة، وختم القرآن الكريم في الموضع الذي توفّي فيه سبعة آلاف مرّة، وكان يسمّى


 

 



[1] "كتاب المحتضرين" لابن أبي الدنيا، مقالة الخلفاء عند حضور الموت، ١/٨١، (٨٦).

[2] "الخيرات الحسان"، الفصل الرابع عشر في شدة اجتهاده في العبادة، ص ٥٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

34