عنوان الكتاب: شرح الصدور

أرواحا وصورهم واستنطقهم فتكلموا وأخذ عليهم العهد والميثاق الحديث.

واستدل للثاني بقوله تعالى {هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡ‍ٔٗا مَّذۡكُورًا}[1] روي أنه مكث أربعين سنة قبل أن ينفخ فيه الروح وبحديث إبن مسعود إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك.

ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح وأجيب بالفرق بين نفخ الروح وخلقه فالروح مخلوقة من زمن طويل وأرسلت بعد تصور البدن مع الملك لإدخالها في البدن السابعة ذهب أهل الملل من المسلمين وغيرهم إلى أن الروح تبقى بعد موت البدن وخالف فيه الفلاسفة دليلنا قوله تعالى {كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ}[2] والذائق لا بد أن يبقى بعد المذوق وما تقدم في هذا الكتاب من الآيات والأحاديث في بقائها وتصرفها وتنعيمها وتعذيبها إلى غير ذلك وعلى هذا فهل يحصل لها عند القيامة فناء ثم تعاد توفية بظاهر قوله تعالى {كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ}[3] أولا بل تكون من المستثنى في قوله {إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۚ}[4] قولان حكاهما السبكي في تفسيره المسمى بالدر النظيم وقال الأقرب أنها لا تفنى وأنها من المستثنى كما قيل في الحور العين إنتهى.

وفي كتاب إبن القيم أختلف في أن الروح تموت مع البدن أم الموت للبدن وحده على قولين والصواب أنه إن أريد بذوقها الموت مفارقتها للجسد فنعم هي ذائقة الموت بهذا المعنى وإن أريد أنها تعدم فلا بل هي باقية بعد خلقها بالإجماع في نعيم أو عذاب.

وقد أخرج إبن عساكر في تاريخ دمشق بسنده إلى محمد بن وضاح أحد أئمة المالكية قال سمعت سحنون بن سعيد وذكر له عن رجل


 

 



[1] سورة الإنسان ، الآية : ١.

[2] سورة آل عمران ، الآية : ١٨٥.

[3] سورة الرحمن ، الآية : ٢٦.

[4] سورة النمل ، الآية : ٨٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

331