التاسعة: قال إبن القيم فإن قيل بأي شيء تتمايز الأرواح بعد مفارقة الأشباح حتى تتعارف وهل تتشكل بشكل فالجواب على قاعدة أهل السنة كثرهم الله تعالى أن الأرواح ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعلى هذا أكثر من مائة دليل مقررة منها قوله تعالى {وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا}[1] فأخبر أنها مسواة كما قال الله تعالى عن البدن {ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّىٰكَ فَعَدَلَكَ}[2] فسوى بدنه كالقالب لنفسه فتسوية البدن تابع لتسوية النفس قال ومن ها هنا يعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها فإنها تتأثر وتنفعل عن البدن كما يتأثر البدن وينفعل عنها فيكتسب البدن الطيب والخبيث منها كما تكتسبهما هي منه قال بل تميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان والإشتباه بينهما أبعد من إشتباه الأبدان فإن الأبدان تشتبه كثيرا وأما الأرواح فقلما تشتبه قال ويوضح هذا أنا لم نشاهد أبدان الأنبياء والأئمة وهم يتميزون في علمنا أظهر تميز وليس تميزا راجعا إلى مجرد أبدانهم بل هي بما عرفناه من صفات أرواحهم وأنت ترى أخوين شقيقين مشتبهين في الخلقة غاية الإشتباه وبين روحيهما غاية التباين وقل أن نرى بدنا قبيحا وشكلا شنيعا إلا وجدته مركبا على نفس تشاكله وتناسبه وقل أن ترى آفة في بدن وفي روح صاحبه آفة تناسبها ولهذا تأخذ أصحاب الفراسة أحوال الناس من أشكال الأبدان وقل أن ترى شكلا حسنا وصورة جميلة وتركيبا لطيفا إلا وجدت الروح المتعلقة به مناسبة له قال وإذا كانت الملائكة تتميز من غير أبدان تحملهم وكذلك الجن فالأرواح البشرية أولى إنتهى.
ووقع في كلام الغزالي في الدرة الفاخرة أن روح المؤمن على صورة النحلة وروح الكافر على صورة الجرادة وهذا شيء لا يعرف له أصل بل وقع في حديث الصور أن إسرافيل يدعو الأرواح فتأتيه