لأنّ الدالّ حقيقة عند الحذف أيضاً هو اللفظ المدلول عليه بالقرائن (كقوله: قال لي كيف أنت قلت عليل) لَم يقل ½أنا عليل¼ للاحترازِ[1] والتخييلِ المذكورَينِ (أو اختبار تنبّه السامع) عند القرينة هل يتنبّه أم لا (أو) اختبار (مقدار تنبّهه) هل يتنبّه بالقرائن الخفيّة[2] أم لا (أو إيهام صونه) أي: المسند إليه (عن لسانك) تعظيماً له (أو عكسه) أي: إيهام صون لسانك عنه تحقيراً له (أو تأتّي الإنكار) أي: تيسّره (لدى الحاجة) نحو: ½فاجر فاسق¼ عند قيام القرينة على أنّ المراد زيد ليتأتى لك أن تقول ½ما أردتُ زيداً بل غيره¼ (أو تعيّنه) والظاهر أنّ ذكر الاحتراز عن العبث يغني عن ذلك[3] لكن ذكره لأمرين أحدهما الاحتراز عن سوء الأدب فيما ذكروا له من المثال وهو ½خالق لِما يشاء فعّال لِما يريد¼ أي: الله تعالى،
[1] قوله: [للاحتراز إلخ] أي: للاحتراز عن العبث بناء على الظاهر ولتخييل العدول إلى أقوى الدليلين, وهذا علّة لقوله ½لم يقل إلخ¼, وفيه إشارة إلى أنّ ½أَوْ¼ في قول المصـ ½أو تخييل¼ مانعة الخلوّ فجاز الجمع. ثمّ هذا المصراع يصلح مثالاً لادّعاءِ التعيّن ولضيقِ المقام بسبب ضجرٍ أو محافظةٍ على وزن. قوله ½هل يتنبّه أم لا¼ كقولك: ½نوره مستفاد من نور الشمس¼ أي: القمر نوره إلخ.
[2] قوله: [بالقرائن الخفيّة] كما إذا حضرك صديقان قديم وحديث فقلت ½أهل الإحسان¼ أي: ½القديم أهل الإحسان¼ فحذفت المسند إليه اختباراً لمبلغ ذكاء المخاطب هل يتنبّه للمحذوف بالقرينة الخفيّة وهي أنّ أهل الإحسان ذو الصداقة القديمة أو لا يتنبّه له. قوله ½تعظيماً له¼ علّة لصونه عن لسانك. قوله ½عند قيام القرينة¼ أي: يقال ذلك عند إلخ. قوله ½ليتأتّى¼ علّة للحذف أي: فتحذفه ليتأتّى.
[3] قوله: [يغني عن ذلك] أي: عن ذكر تعيّنه؛ لأنّ العبث بذكره لا يكون إلاّ بعد تعيّنه فالتعيّن داخل في الاحتراز المذكور فلا يصحّ جعله قسيماً له. قوله ½لكن ذكره إلخ¼ بيان لوجه الاعتذار. قوله ½خالق لما يشاء إلخ¼ فلا يقال إنّ الحذف فيه للاحتراز عن العبث؛ لما فيه من سوء الأدب.