والخطاب منْزلة بعد المسافة، ولفظ[1] ½ذلك¼ صالح للإشارة إلى كلّ غائب عيناً كان أو معنى، وكثيراً مّا يذكر المعنى الحاضر المتقدّم بلفظ ½ذلك¼؛ لأنّ المعنى غير مدرَك بالحسّ[2] فكأنه بعيد (أو للتنبيه) أي: تعريف المسند إليه بالإشارة للتنبيه[3] (عند تعقيب المشار إليه بأوصاف) أي: عند إيراد الأوصاف على عقب المشار إليه، يقال ½عقّبه فلان¼ إذا جاء على عقبه، ثم تُعدِّيه بالباء إلى المفعول الثاني وتقول ½عقّبته بالشيء¼ إذا جعلت الشيء على عقبه، وبهذا ظهر فساد ما قيل[4] إنّ معناه: عند جعل اسم الإشارة بعقب أوصاف (على أنه) متعلِّق بـ½التنبيه¼ أي: للتنبيه على أنّ المشار إليه (جدير بما يرد بعده) أي: بعد اسم الإشارة
[1] قوله: [ولفظ إلخ] قَصَد به مجرّدَ إفادة فائدة وهي أنّ ½ذلك¼ يصلح للإشارة إلى كلّ غائب عن حسّ البصر ذاتاً كان أو غيرَ ذات نحو ﴿تِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ﴾ [مريم:٦٣], و½أعجبني ذلك النصر¼, وهذا الصلوح مجاز لأنّ أسماء الإشارة وضعت للإشارة إلى المحسوس المشاهد. قوله ½وكثيراً مّا إلخ¼ كقوله تعالى: ﴿كَذَٰلِكَ يَضۡرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمۡثَٰلَهُمۡ﴾ [محمد:٣], فـ½ذلك¼ إشارة إلى ضرب المثل الحاضر المتقدِّم ذكرُه قريباً, والمراد بالحاضر ما يعدّه العرف حاضراً وبالمتقدِّم المتقدِّم على اسم الإشارة.
[2] قوله: [غير مدرَك بالحسّ] أي: بحسّ البصر. قوله ½فكأنه بعيد¼ أي: فقد شبّه غير المدرَك بالبعيد لجامع عدم إدراك كلٍّ بحاسّة البصر واستعمل اسم المشبّه به في المشبّه.
[3] قوله: [أي: تعريف المسند إليه إلخ] إشارة إلى أنّ ½للتنبيه¼ عطف على ½لتمييزه أكمل تمييز¼. قوله ½أي: عند إيراد إلخ¼ إشارة إلى أنّ الباء في حيّز التعقيب داخلة على المفعول المتأخِّر. قوله ½على عقب المشار إليه¼ أي: ½على عقب الموصوف¼, وليس المراد بالأوصاف خصوص الأوصاف النحويّة. قوله ½إذا جعلت الشيء على عقبه¼ تصريح بما أشار إليه أوّلاً.
[4] قوله: [وبهذا إلخ] أي: وبما ذكرنا من أنّ الباء في حيّز التعقيب إنما تدخل على المتأخِّر إلخ. قوله ½إنّ معناه إلخ¼ أي: فحمل صاحب القيل المشارَ إليه في قوله ½عند تعقيب المشار إليه بأوصاف¼ على اسم الإشارة وجَعَل الباء داخلة على المفعول المتقدِّم, وفي ذلك تعسّف ومخالفة للغة.