عنوان الكتاب: مختصر المعاني

أو البعد أو التوسط كقولك: ½هذا أو ذاك أو ذلك زيد¼) وأخّر ذكر التوسّط[1] لأنه إنّما يتحقّق بعد تحقّق الطرفين، وأمثال هذه المباحث تنظر فيها اللغةُ من حيث إنّها تبيّن أنّ ½هذا¼ مثلاً للقريب و½ذاك¼ للمتوسّط و½ذلك¼ للبعيد، وعلمُ المعاني من حيث إنّه إذا أريد بيان قرب المسند إليه يؤتى بـ½هذا¼ وهو زائد[2] على أصل المراد الذي هو الحكم على المسندِ إليه المذكور المعبّرِ عنه بشيء يُوجِب تصوّرَه على أيّ وجهٍ كان (أو تحقيره) أي: تحقير المسند إليه (بالقرب نحو: ﴿أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ [الأنبياء:٣٦] أو تعظيمه بالبعد نحو: ﴿الٓمٓ (١) ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ﴾ [البقرة:١-٢]) تنْزيلاً لبعد درجته[3] ورفعة محلّه منْزلة بعد المسافة (أو تحقيره) بالبعد (كما يقال: ½ذلك اللعين فعل كذا¼) تنْزيلاً لبعده[4] عن ساحة عزّ الحضور


 



[1] قوله: [وأخّر ذكر التوسّط] أي: مع أنّ الترتيب الطبيعيّ يقتضي توسّطه. قوله ½بعد تحقّق الطرفين¼ أي: لأنّ التوسّط نسبة بين القرب والبعد يتوقّف تعقّله على تعقّلهما. قوله ½وأمثال هذه الأبحاث¼ أي: هذه الأبحاث وأمثالها كالتكلّمِ والخطاب والغيبة بالنسبة للضمير والإحضارِ بعينه بالنسبة للعلَم, وهذا جواب عمّا يقال إنّ كون ½ذا¼ للقريب مثلاً يبيّنه اللغة لأنه بالوضع ولا ينبغي أن يتعلّق به علم المعاني لأنه إنما يبحث عن الزائد على أصل المراد, وحاصل الجواب أن اللغويين إنما يبيِّنون مثلاً أنّ ½ذا¼ موضوع للقريب وأهل المعاني يبيِّنون أنه إذا كان المشار إليه قريباً واقتضى المقام بيانَ حاله فيؤتى بـ½ذا¼.

[2] قوله: [وهو زائد إلخ] أي: بيان قرب المسند إليه زائد على المعنى الذي قصده المتكلِّم وهو ثبوت المسند للمسند إليه فهو كالتأكيد المدلول عليه بـ½إنّ¼ في قولك: ½إنّ زيداً عالم¼ فإنه زائد على أصل المراد وهو ثبوت القيام لزيد. قوله ½الذي هو الحكم إلخ¼ صفة للمراد. قوله ½المعبّر عنه بشيء¼ أي: الذي عبّر عنه بطريق من الطرق التي توجب تصوّره على أيّ وجهٍ كان أي: سواء أفاد حاله من قرب أو بعد أو لا كالإشارة والموصول والعلَم, والحاصل أنّ المسند إليه يمكن أن يعبّر عنه بالموصول والعلم لكن البليغ يعدل عنهما لاسم الإشارة لبيان حاله وهذا الحال زائد على أصل المراد.

[3] قوله: [تنزيلاً لبعد درجته] علّة لمحذوف أي: استعمل إشارة البعيد في الحاضر تنزيلاً إلخ. قوله ½لبعد درجته¼ علّة للتنزيل. قوله ½ورفعة محلّه¼ عطف تفسير لـ½بعد درجته¼.

[4] قوله: [تنزيلاً لبعده] أي: استعمل إشارة البعيد في الحاضر تنزيلاً. قوله ½لبعده¼ أي: لحقارته, علّة للتنزيل. قوله ½عزّ الحضور¼ من إضافة الصفة للموصوف أي: عن ساحة الحضور العزيز, وتشبيه الحضور بدارٍ استعارة بالكناية وإثبات الساحة تخييل وإثبات العزّ ترشيح أو بالعكس.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471