وَيَوْماً بِالْعُذَيْبِ وَيَوْماً بِالْخُلَيْصَاء، ولَمّا وُفِّقتُ بعون الله تعالى[1] للإتمام وقوّضت[2] خيام الاختتام بعد ما كشفت[3] عن وجوه خرائده اللثام ووضعت كنوز فرائده على طرف الثُمام، فجاء بحمد الله[4] كما يروق النواظر ويجلو صدأ الأذهان ويُرهِف البصائر، ويضيء ألباب أرباب البيان، ومن الله التوفيق والهداية وعليه التوكّل في البداية والنهاية وهو حسبي ونعم الوكيل.
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد) هو الثناء باللسان[5] على قصد التعظيم سواء تعلّق
[1] قوله: [بعون الله تعالى] العون اسم مصدر بمعنى الإعانة, والباء للتصوير إن تعلّق بالتوفيق؛ إذ الإعانة جعل الله فيه قوّة وهو عين التوفيق, وللسببيّة إن تعلّق بالإتمام, ولا يضرّ تقدّم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفاً. قوله ½للإتمام¼ أي: لإتمام هذا الشرح, وفيه إشارة إلى أنّ الخطبة متأخّرة عن تأليف الشرح.
[2] قوله: [وقوّضتُ] أي: أزلتُ, و½خيام الاختتام¼ من إضافة المسبّب إلى السبب أي: أزلت الخيام المضروبة على الشرح بسبب ختمه يعني أظهرته للناس.
[3] قوله: [بعد ما كشفت] متعلِّق بـ½قوّضت¼, والخرائد جمع خريدة وهي الحسناء من النساء استعارها لمسائل الشرح الدقيقة بجامع الحسن والاحتجاب, وذكر الوجوه واللثام ترشيح, واللثام ما يجعل على الفم من النقاب. قوله ½ووضعت¼ أي: وبعد ما وضعت إلخ, والكنوز جمع كنز بمعنى المكنوز وإضافته للفرائد من إضافة الصفة للموصوف, والفرائد جمع فريدة وهي في الأصل الدرّة الثمينة والمراد بها هنا المسائل الدقيقة. قوله ½على طرف الثمام¼ متعلِّق بـ½وضعت¼, والثمام نبت سهل التناول وما كان على طرفه كان سهل التناول, يعني أنّي أتيت بألفاظ سهلة يفهم منها المعنى بلا مشقّة.
[4] قوله: [فجاء بحمد الله] عطف على ½انتصبت¼ أي: فجاء هذا الشرح متلبّساً بحمد الله حال كونه مشابهاً بشيء يروق أي: يعجب إلخ, وإذا كان مثلَ الشيء الموصوف بهذه الصفات كان متّصفاً بها. قوله ½يجلو صدأ الأذهان¼ شبّه الأذهان بشيء عليه صدأ وأثبت له الصدأ تخييلاً. قوله ½ويرهف¼ أي: يحدّ البصائر وهو جمع بصيرة وهي عين في القلب, وفيه تشبيه البصائر بسيف غيرِ حادّ, وإثبات الإرهاف تخييل. قوله ½ويضيء¼ أي: ينوّر عقول أصحاب البيان بمعنى أنه يذهب ما فيها من الاسوداد.
[5] قوله: [هو الثناء باللسان] الثناء الذكر بخير, واللسان على هذا وإن كان معلوماً بالثناء لكنه صرّح به للتنصيص على اختصاص الحمد باللسان, ½على قصد¼ أي: مع قصد إلخ, احترز به عن الاستهزاء فإنه على قصد التوهين, ½سواء تعلّق¼ أي: سواء وقع الثناء في مقابلة نعمة أو غيرها, وهذا تعميم في المحمود عليه.