عنوان الكتاب: مختصر المعاني

بالنعمة أو بغيرها، والشكر[1] فعل ينبئ عن تعظيم المنعِم لكونه منعِماً سواء كان باللسان أو بالْجَنان أو بالأركان، فمورِد الحمد[2] لا يكون إلاّ اللسان ومتعلَّقه يكون النعمة وغيرها ومتعلّق الشكر لا يكون إلاّ النعمة ومورِده يكون اللسان وغيره، فالحمد أعمّ[3] من الشكر باعتبار المتعلَّق وأخصّ باعتبار المورِد والشكر بالعكس (لله) هو اسم للذات[4] الواجب الوجود المستحِقّ لجميع المحامد، والعدول[5] إلى الجملة الاسميّة للدلالة على الدوام


 



[1]  قوله: [والشكر] أي: لغةً, وأمّا اصطلاحاً فهو صرف العبد جميع ما أنعم به الله عليه إلى ما خلق لأجله, وإنما عرّف الشكر مع أنه غير مذكور في المتن لأنه أخو الحمد. قوله ½فعل¼ إن قيل الفعل يقابل القول والاعتقاد كما هو المتعارف فخرج الشكر اللسانيّ والجَنانيّ؛ لأنّ الأوّل قول والثاني كيف, قيل المراد بالفعل الأمر على اصطلاح أهل اللغة فيشملهما. قوله ½ينبئ¼ إن قيل الشكر الجَنانيّ لا معنى لإنبائه عن التعظيم لعدم الاطّلاع عليه فيخرج عن التعريف وأيضاً يكون قوله ½أو بالجنان¼ فاسداً, قيل المراد بالإنباء الدلالة لا الإخبار ولا شكّ أنّ الشكر الجناني وهو اعتقاد الشاكر أنّ المنعم متّصف بصفات الكمال دالّ على تعظيم المنعم ولا يقدح فيه عدم الاطّلاع عليه لأنّ الدليل ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر لا ما يلزم من وجوده العلمُ.

[2]  قوله: [فمورد الحمد] أي: ما يرد منه الحمد ومصدرُه, ومتعلِّق الحمد ما يكون الحمد في مقابلته ويجعل بإزائه وهو المحمود عليه. قوله ½يكون النعمة وغيرها¼ لكن لا بدّ أن يكون ذلك الغير فعلاً جميلاً اختياريًّا كحسن الخط وإلاّ كان مدحاً كالثناء في مقابلة اعتدال القامة وجمال الذات.

[3]  قوله: [فالحمد إلخ] الكلام السابق وهو قوله ½فمورد الحمد إلخ¼ مسوق لبيان موردهما ومتعلّقهما وهذا الكلام مفرّع على السابق لبيان النسبة بين مفهومهما وهي العموم والخصوص الوجهيّ.

[4]  قوله: [هو اسم للذات إلخ] أطلق الاسم على ما قابل الكنية واللقب أو على ما قابل الصفة, وفيه ردّ على من جعله صفة في الأصل وأنكر كونه علماً كالبيضاويّ, والواجب الوجود من يجب وجوده ويستحيل عدمه, والمحامد جمع محمدة بمعنى الحمد أي: المستحقّ لكلّ فرد من أفراد الحمد.

[5]  قوله: [والعدول إلخ] يفيد هذا الكلام أنّ هذه الجملة الاسميّة معدولة عن الفعليّة والأصل: ½حمدت الله حمداً¼ فحذف الفعل ثمّ أدخل لام الجرّ على المفعول ثمّ أدخل أل على المصدر لإفادة الاستغراق أو لتعريف الجنس ثمّ رفع للدلالة على الثبوت والدوام, وذلك لوجهين أوّلهما أنّ الحمد من المصادر الدالّة على الأحداث المتعلِّقة بمحالّها من الذوات والشائعُ في بيان الأحداث الأفعالُ لدلالتها على وقوع تلك الأحداث في أزمنة مخصوصة, والثاني أنّ الحمد في أكثر استعماله منصوب على المصدريّة بأفعال محذوفة بأن يحذف الفعل مع الفاعل ويقام المصدر مقامه, والثباتُ هو الحصول المستمرّ فعطفه على الدوام للتفسير.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471