النكرة المَنفيّة مسلّم وأمّا في المعرّف باللام فلا بل الجمع المعرَّف بلام الاستغراق يتناول كلّ واحد من الأفراد على ما ذكره أكثر أئمّة الأصول والنحو ودلّ عليه الاستقراء وأشار إليه أئمّة التفسير، وقد أشبعنا الكلام[1] في هذا المقام في الشرح فليطالع ثمّة، ولمّا[2] كان ههنا مظِنّة اعتراض وهو أن إفراد الاسم يدلّ على وحدة معناه والاستغراق يدلّ على تعدّده وهما متنافيان أجاب عنه بقوله (ولا تَنافِيَ بين الاستغراق وإفراد الاسم لأنّ الحرف) الدالّ على الاستغراق كحرف النفي والتعريف (إنما يدخل عليه) أي: على الاسم المفرد حال كونه[3] (مجرداً عن) الدلالة على (معنى الوحدة) وامتناعُ وصفه بنعت الجمع[4] للمحافَظة على التشاكل اللفظيّ (ولأنه) أي: المفرد الداخل عليه حرفُ الاستغراق (بمعنى كلّ فرد[5]
[1] قوله: [وقد أشبعنا الكلام إلخ] أي: بإيراد الأمثلة والشواهد الدالّة على أنّ الجمع المعرّف باللام مساوٍ للمفرد في الاستغراق.
[2] قوله: [ولمّا إلخ] أي: ولمّا كان في قوله ½واستغراق المفرد إلخ¼ اعتراض مظنون وهو إلخ, وهذا تمهيد المتن الآتي. قوله ½وهما إلخ¼ أي: ووحدةُ المعنى وتعدّدُه. قوله ½أجاب عنه بقوله إلخ¼ وحاصل ما ذكره جوابان أوّلهما بتسليم أنّ الوحدة تُنافِي التعدّد والثاني بمنع تَنافيهما. قوله ½الدالّ على الاستغراق¼ فيه أنّ مدلول حرف النفي والتعريف ليس إلاّ النفي والتعريف والاستغراق إنما يجيء من القرينة.
[3] قوله: [حال كونه] إشارة إلى أنّ قوله ½مجرّداً¼ حال من الضمير الراجع إلى الاسم المفرد. قوله ½مجرّداً عن الدلالة على معنى الوحدة¼ أي: بسبب عدم إرادة تلك الوحدة فيصير محتملاً للوحدة والتعدّد وبدخول حرف الاستغراق يتعيّن التعدّد.
[4] قوله: [بنعت الجمع] بأن يجعل الجمع نعتاً له نحو ½جاء الرجل الطِوال¼, والأولى أن يقال ½وعدمُ اطّراد وصفه إلخ¼؛ لأنّ هذا الاسم مفردٌ لفظاً وجمعٌ معنًى فيجوز فيه مراعاة كلّ منهما كقوله تعالى: ﴿أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِۖ﴾ [النور:٣١] والمراد بعدم الاطّراد عدم الكثرة. قوله ½للمحافظة¼ خبر لقوله ½وامتناعُ¼ أي: لئلاّ يكون أحد اللفظين الدالّين على الجماعة مفرداً لفظاً والآخر جمعاً لفظاً.
[5] قال: [بمعنى كلّ فرد] أي: وكلّ فرد لا ينافي الوحدة بل هو متّصف بها وإنما يتأتّى التنافي لو كان المفرد الداخل عليه حرف الاستغراق بمعنى مجموع الأفراد. قال ½ولهذا إلخ¼ أي: ولأجل أنّ هذا المفرد بمعنى كلّ فرد فرد امتنع وصفه بنعت الجمع, فحاصل الجواب الأوّل منع أن يكون ثمّة وحدة وحاصل الثاني منع أنّ المراد بالاستغراق مجموع الأفراد حتّى ينافي الوحدة. قوله ½في نحو إلخ¼ أي: في نحو قولهم: ½أهْلكَ الناسَ الدِينارُ الصُفْرُ والدرهمُ البِيضُ¼.