نظر إلى الأفراد فليتأمّل (وهو) أي: الاستغراق (ضربان حقيقيّ) وهو أن يراد[1] كلّ فرد ممّا يتناوله اللفظ بحسَب اللغة (نحو: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِۚ﴾ [الأنعام:٧٣] أي: كلّ غيب وشهادة، وعرفِيّ) وهو أن يراد كلّ فرد ممّا يتناوله اللفظ بحسَب متفاهَم العرف (نحو: ½جمع الأمير الصاغة¼ أي: صاغةَ بلده أو) أطراف (مملكته) لأنه المفهوم عرفاً[2] لا صاغةَ الدنيا، قيل: المثال مبنيّ على مذهب المازِني[3] وإلاّ فاللام في اسم الفاعل عند غيره موصول، وفيه نظر[4] لأنّ الخلاف إنما هو في اسم الفاعل بمعنى الحدوث دون غيره نحو: ½المؤمن¼ و½الكافر¼ و½العالم¼ و½الجاهل¼ لأنهم قالوا[5] هذه الصفة فعل في صورة الاسم فلا بدّ فيه
[1] قوله: [وهو أن يراد إلخ] تعريف للاستغراق الحقيقيّ, وفيه أنّ الإرادة فعل المتكلِّم والاستغراق وصف للفظ, والجواب أنّ الإرادة سبب للاستغراق أي: لتناول اللفظ لكلّ فرد فهو من إطلاق السبب وإرادة المسبّب. قوله ½بحسب اللغة¼ ذكر اللغة إنما هو على طريق التمثيل والمراد بحسب اللغة أو الشرع أو الاصطلاح. قوله ½بحسب متفاهَم العرف¼ أي: بحسب فهم أهل العرف العامّ, وأمّا ما كان بحسب العرف الخاصّ فهو داخل في الحقيقيّ كما ذكر.
[2] قوله: [لأنه المفهوم عرفاً] وذلك لأنّ الأمير لا يقدر على جمع صاغة الدنيا فتعيّن بهذه القرينة أنّ المراد بها الصاغة الموجودة في بلده أو في مملكته فالحكم فيه على كلّ فرد من أفراد الحقيقة المقيّدة.
[3] قوله: [على مذهب المازنيّ] وهو أنّ اللام الداخلة على اسمي الفاعل والمفعول حرف تعريف مطلقاً سواء كانا بمعنى الحدوث أم لا, ووجه كونه مبنيًّا عليه أنّ الكلام في تقسيم الاستغراق الذي كان بحرف التعريف وكون اللام في ½الصاغة¼ حرف التعريف إنما هو على مذهبه. قوله ½وإلاّ¼ أي: وإن لم نقل ذلك بل قلنا إنه مبنيّ على مذهب الجمهور لا يصحّ لأنّ اللام الداخلة عليهما موصولة عندهم.
[4] قوله: [وفيه نظر] أي: وفي هذا القيل الذي يفيد أنّ الخلاف بين المازني وغيره في اللام الداخلة على اسمي الفاعل والمفعول مطلقاً نظر. قوله ½لأنّ الخلاف¼ أي: بين المازني وغيره. قوله ½دون غيره¼ أي: دون اسم الفاعل بمعنى الدوام نحو ½المؤمن¼ فإنّ اللام فيه حرف التعريف اتّفاقاً و½الصاغة¼ كذلك فاللام فيه حرف التعريف بالاتّفاق فلا يصحّ تخصيص المثال بكونه مبنيًّا على مذهب المازنيّ.
[5] قوله: [لأنهم قالوا إلخ] أي: لأنّ غير المازنيّ أي: الجمهور قالوا إلخ, وهذا علّة لكون اللام في اسم الفاعل بمعنى الحدوث موصولةً. قوله ½هذه الصفة¼ أي: اسم الفاعل بمعنى الحدوث, وفي بعض النسخ ½هذه الصلة¼ أي: صلة اللام. قوله ½فعل إلخ¼ أي: وحرف التعريف لا يدخل على الفعل, ولكونه فعلاً يعمل وإن كان بمعنى الماضي. قوله ½فلا بدّ فيه من معنى الحدوث¼ لأنّ الحدوث معتبر في الفعل.