فهو فاعل لفظاً لا معنى استثناه السكّاكي وأخرجه من هذا الحكم[1] بأن جَعَله في الأصل مؤخَّراً على أنه فاعل معنى لا لفظاً بأن يكون بدلاً من الضمير الذي هو فاعل لفظاً لا معنى، وهذا معنى قوله: (واستثنى) السكّاكي (المنكّر بجعله من باب ﴿وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ [الأنبياء:٣] أي: على القول[2] بالإبدال من الضمير) يعني: قُدِّر أنّ أصل ½رجل جاءني¼: ½جاءني رجل¼ على أنّ ½رجل¼ ليس بفاعل بل هو بدل من الضمير في ½جاءني¼[3] كما ذُكِر في قوله تعالى: ﴿وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجۡوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أنّ الواو فاعل و½الذين ظلموا¼ بدل منه، وإنّما جَعَله[4] من هذا الباب (لئلاّ ينتفي التخصيص إذ لا سبب له) أي: للتخصيص (سواه)
[1] قوله: [وأخرجه من هذا الحكم] عطف تفسير على قوله ½استثناه¼ إشارة إلى أنّ الاستثناء بالمعنى اللغَويّ أي: أخرج المنكّرَ عن حكم إفادة التقوّي بإخراجه عن عدم جواز التأخير فيه بجعله بدلاً من الضمير المستكنّ. قوله ½بأن جعله إلخ¼ تصوير للإخراج. قوله ½بأن يكون إلخ¼ تصوير لكونه فاعلاً معنى.
[2] قال: [على القول إلخ] أي: إنه جعله مثله على أحد الأقوال في إعراب الآية وهو أنّ ½الذين ظلموا¼ بدل من الواو في ½أسرّوا¼, وأمّا على القول بأنّه مبتدأ و½أسرّوا¼ خبر مقدَّم أو بأنه فاعل والواو حرفٌ زِيدَ ليؤذن من أوّل وهلة أنّ الفاعل جمع أو بأنّه خبر مبتدأ محذوف أي: هم الذين ظلموا فلا يكون المنكّر من بابه.
[3] قوله: [من الضمير في ½جاءني¼] وهذا الضمير يعود على متأخِّر لفظاً ورتبة لكنّه في باب البدل سائغ فإنه من الأبواب المستثناة. قوله ½كما ذكر إلخ¼ أي: في أحد الأقوال في إعراب الآية.
[4] قوله: [وإنما جعله إلخ] إشارة إلى أنّ قوله ½لئلاّ ينتفي التخصيص¼ علّة لمحذوف, ثمّ المراد بالتخصيص هنا ما يصحّ به وقوع النكرة مبتدأ أو المراد به الحصر أعني إثبات الحكم للمذكور ونفيه عن الغير والثاني أنسب بالمقام والأوّل أوفق بما سينقله الشارح عن السكّاكي أنّه قال ½إنما يرتكب ذلك الوجه البعيد في المنكّر لفوات شرط الابتداء بالنكرة¼ وبردّ المصـ فيما يأتي انتفاءَ التخصيص على تقدير عدم الجعل من هذا الباب لحصوله بغير هذا التقدير كالتعظيم والتحقير والتقليل والتكثير فتدبّر.