جاءني لا امرأة أو لا رجلان¼ (دون قولهم: ½شرّ أهرّ ذا ناب¼) فإنّ فيه مانعاً من التخصيص (أمّا على) التقدير[1] (الأوّل) يعني: تخصيصَ الجنس (فلامتناع أن يُراد أنّ المُهِرّ شرّ لا خير) لأنّ المُهِرَّ لا يكون إلاّ شرًّا[2] وأمّا على التقدير (الثاني) يعني: تخصيصَ الواحد (فلنبوّه عن مظانّ استعماله) أي: لنبوّ تخصيص الواحد[3] عن مواضع استعمال هذا الكلام؛ لأنه لا يقصد به أنّ المهرّ شرّ لا شرّان وهذا ظاهر (وإذ قد صرّح الأئمّة بتخصيصه حيث تأوّلوه بـ½ما أهرّ ذا ناب إلاّ شرّ¼ فالوجه) أي: وجه الجمع بين قولهم بتخصيصه وبين قولنا[4] بالمانع من التخصيص (تفظيعُ شأن الشرّ بتنكيره) أي: جعل التنكير للتعظيم والتهويل ليكون المعنى[5] شرٌّ عظيمٌ فظيعٌ أهرَّ ذا ناب لا شرٌّ حقيرٌ، فيكون تخصيصاً نوعيًّا والمانع إنّما كان من تخصيص الجنس أو الواحد.
[1] قوله: [التقدير] إشارة إلى الموصوف المحذوف. قوله ½يعني: تخصيص الجنس¼ تعيين للمراد بالتقدير الأوّل. قوله ½لأنّ المُهِرَّ إلخ¼ علّة للامتناع.
[2] قوله: [لأنّ المُهِرَّ لا يكون إلاّ شرًّا] فإنّ ظهور الخير للكلب لا يُهِرّه ولا يفزعه فلا معنى لنفيه؛ إذ الشيء إنما ينفى عن الشيء إذا أمكن ثبوته له وإلاّ خَلاَ النفيُ عن الفائدة.
[3] قوله: [لنبوّ تخصيص الواحد] إشارة إلى مرجع ضمير ½لنبوّه¼. قوله ½مواضع¼ تفسير لـ½مظانّ¼. قوله ½لا يقصد به إلخ¼ وذلك لأنّ هذا الكلام إنما يقال في مقام الحثّ على شدّة الحزم لدفع ذلك الشرّ وكونُ المُهِرّ شرًّا لا شرَّينِ ممّا يوجِب التساهلَ في الدفع فلا يصلح قصده به.
[4] قوله: [وبين قولنا إلخ] أي: قول السكّاكيّ؛ لأنّ قوله ½وإذ قد صرّح إلخ¼ من كلامه, وحاصل ما في المقام أنّ السكّاكي ذكر أنّ في ½شرّ أهرّ ذا ناب¼ مانعاً من التخصيص والنحاة فسّروه بـ½ما أهرّ ذا ناب إلاّ شرّ¼ وهو يفيد التخصيص فبين الكلامين تناقض, فأشار إلى الجمع بينهما بأنّ التخصيص الذي نفاه تخصيص الجنس أو الفرد والتخصيص الذي يفيده كلام النحاة تخصيص النوع فلا منافاة بينهما.
[5] قوله: [ليكون المعنى إلخ] أي: فيصحّ قولهم: معناه ما أهرّ ذا ناب إلاّ شرّ أي: إلاّ شرّ فظيع أي: عظيم لا شرّ حقير؛ لأنّ التقييد بالوصف نفي للحكم عمّا عداه كما هو طريقة بعض الأصوليين.