عنوان الكتاب: مختصر المعاني

أي: تقديم المسند للتنبيه (من أوّل الأمر على أنه) أي: المسندَ (خبر لا نعت) إذ النعت لا يتقدّم على المنعوت[1] وإنّما قال: ½من أوّل الأمر¼[2] لأنه ربما يعلم أنه خبر لا نعت بالتأمّلِ في المعنى والنظرِ إلى أنه لم يَرد في الكلام خبر للمبتدأ (كقوله[3]: لَهُ هِمَمٌ لاَ مُنْتَهَى لِكِبَارِهَا * وَهِمَّتُهُ الصُّغْرَى أَجَلُّ مِنَ الدَّهْرِ) حيث لم يقل: ½هِمَمٌ لَهُ¼[4] (أو التفاؤلِ) نحو: ½سَعِدَتْ بغُرَّةِ وَجْهِكَ الأَيَّامُ¼[5] (أو التشويقِ إلى ذكر المسند إليه) بأن يكون في المسند المتقدِّم طول يُشوِّق النفسَ إلى ذكر المسند إليه فيكون له وقعٌ في النفس ومحلّ من القبول؛ لأنّ الحاصل بعد الطلب أعزّ من المُنساق بلا تعب.....................................


 



[1] قوله: [إذ النعت لا يتقدّم على المنعوت] أي: بخلاف الخبر فإنه يتقدّم على المبتدأ فلو أخِّر لربما ظنّ أنه نعت فالتقديم هنا للتنبيه من أوّل الأمر أي: في أوّل أزمان إيراد الكلام على أنه خبر لا نعت.

[2] قوله: [وإنما قال: ½من أوّل الأمر¼ إلخ] بيان لفائدة العبارة. قوله ½والنظرِ إلى إلخ¼ أي: وبالنظر إلى أنه لم يَرِد في الكلام خبر بعده فيفهم السامع أنّ غرض المتكلِّم به الإخبار لا النعت.

[3] قال: [كقوله] أي: قول حسّان بن ثابت رضي الله تعالى عنه في مدح النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم. قوله ½هِمَمٌ¼ جمع همّة وهي الإرادة على وجه العزم فإن تعلّقت بمعالي الأمور فهي عليّة وإن تعلّقت بسفاسفها فهي دنيئة, والحاصل أنّ هممه عليه الصلاة والسلام كلّها عليّة وبعضها أعلى من بعض فهمّته المتعلِّقة بفتح مكّة أو غزوة بدر أو أحد مثلاً أعظم من همّته المتعلِّقة بغزوة هوازن وهمّته الصغرى أجلّ من الدهر الذي كانت العرب تضرب بهممه المثل.

[4] قوله: [حيث لم يقل ½هِمَمٌ لَهُ¼] أي: لخوف توهّم أنّ ½لَهُ¼ صفة لـ½هِمَم¼ وأنّ قوله ½لا منتهى لكبارها¼ خبر لها أو صفة بعد صفة والخبر محذوف, وكلاهما خلاف المقصود فقدِّم ½لَهُ¼ تنبيهاً من أوّل الأمر على أنه خبر لا نعت.

[5] قوله: [½سَعِدَتْ بِغُرَّةِ وَجْهِكَ الأَيَّامُ¼] تمامه: وَتَزَيَّنَتْ بِبَقَائِكَ الأَعْوَامُ, إن قيل المسند هنا فعل يجب تقديمه فكيف يقال إنه قدِّم للتفاؤل مع أنه لا يمكن تأخيره أصلاً, قيل يمكن تأخيره في تركيب آخر بأن يقال: ½الأيام سعدت إلخ¼.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471