الثالث) أي: ½إنّما¼ فإنّ أصله أن يكون الحكم المستعمَل هو فيه ممّا يَعلمه المخاطَب ولا ينُكره كذا في "الإيضاح" نقلاً عن "دلائل الإعجاز"، وفيه بحث لأنّ المخاطَب إذا كان عالِماً بالحكم ولم يكن حكمُه مَشُوباً بخطأ لم يصحّ القصرُ بل لا يُفيد الكلامُ سِوى لازمِ الحكم، وجوابُه أنّ مرادهم[1] أنّ ½إنّما¼ يكون لخبرٍ مِن شأنه أن لا يَجهله المخاطَب ولا يُنكره حتّى أنّ إنكاره يزول بأدنى تنبيهٍ لعدَم إصراره عليه، وعلى هذا يكون[2] موافِقاً لِما في "المفتاح" (كقولك لصاحبك وقد رأيتَ شَبَحاً من بعيد: ½ما هو إلاّ زيد¼ إذا اعتقَده غيرَه) أي: إذا اعتقد صاحبُك ذلك الشبَحَ غيرَ زيدٍ (مُصِرًّا) على هذا الاعتقاد (وقد يُنزَّل المعلومُ منزلةَ المجهول لاعتبارٍ مناسبٍ[3] فيُستعمل له) أي: لذلك المعلوم[4] (الثاني) أي: النفيُ والاستثناءُ (إفراداً) أي: حال كونِه قصرَ إفرادٍ (نحو: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ﴾ [آل عمران:١٤٤]
[1] قوله: [وجوابه أنّ مرادهم إلخ] أي: المراد بقولهم إنّ أصل ½إنما¼ أن يكون الحكم المستعمل هو فيه ممّا يعلمه المخاطب ولا ينكره أنّ ½إنما¼ يكون لحكم من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره فلا ينافي أن يكون المخاطب جاهلاً عنه ومنكراً له بالفعل, والحاصل أنّ محلّ النفي والاستثناء الحكم الذي شأنه أن يجهل ومحلّ ½إنما¼ الحكم الذي شأنه أن لا يجهل وإن كان الجهل والإنكار بالفعل لا بدّ منهما فيهما في غير قصر التعيين.
[2] قوله: [وعلى هذا يكون إلخ] أي: وعلى التأويل المذكور يكون قولهم موافقاً لما في "المفتاح" من أنّه لا بدّ من الجهل والإنكار بالفعل. قوله ½أي: إذا اعتقد إلخ¼ إشارة إلى مراجع الضمائر الثلاثة المرفوع والمنصوب والمجرور. قوله ½على هذا الاعتقاد¼ تعيين للمُصَرّ عليه.
[3] قال: [لاعتبار مناسب] أي: لأمر معتبر مناسب للمقام. قال: ½أي: مقصور على الرسالة¼ أي: فهو من قصر الموصوف على الصفة. قال: ½من الهلاك¼ أي: الموت, وفيه إشارة إلى أنّ القصر إضافيّ.
[4] قوله: [أي: لذلك المعلوم] إشارة إلى أنّ ضمير ½له¼ للمعلوم فاللام فيه بمعنى ½في¼, ويجوز أن يكون للتنزيل فتكون اللام للتعليل. قوله ½أي: حال كونه¼ أي: حال كون الثاني.