أي: مقصور على الرسالة لا يَتعدّاها إلى التبرّئ مِن الهلاك) فالمخاطَبون وهم الصحابة رضي الله عنهم كانوا عالِمِين بكونه مقصوراً على الرسالة غيرَ جامع[1] بين الرسالة والتبرّئ من الهلاك لكنّهم لمّا كانوا يَعدُّون هلاكَه أمراً عظيماً (نُزّل استعظامُهم هلاكَه منزِلةَ إنكارِهم إيّاه) أي: الهلاكَ، فاستُعمل له[2] النفيُ والاستثناءُ، والاعتبار المناسب هو الإشعار بعظمِ هذا الأمر في نفوسهم وشدّةِ حرصهم على بقائه عليه الصلاة والسلام عندهم (أو قلباً) عطف على قوله ½إفراداً¼[3] (نحو: ﴿إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا﴾ [إبراهيم:١٠]) فالمخاطَبون وهم الرُّسل عليهم السلام لم يكونوا جاهلِين بكونهم بشراً ولا منكرِين لذلك لكنّهم نُزّلوا منزلةَ المنكرين (لاعتقاد القائلين[4]) وهم الكفّار (أنّ الرسول لا يكون بَشراً معَ إصرار المخاطَبين على دعوى الرسالة) فنَزَّلهم القائلون منزلةَ المنكرِين للبشريّة لِما اعتقدوا اعتقاداً فاسداً من التَنافي[5] بين الرسالة والبشريّة، فقَلبوا هذا الحكمَ بأن قالوا: ﴿إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا﴾
[1] قوله: [غيرَ جامع إلخ] لأنّهم لا يعتقدون أنّ النبيّ لا يموت أبداً, فلمّا نزّل علمهم بموته منزلة الجهل به والإنكار صار كأنهم أثبتوا له صلى الله تعالى عليه وسلّم صفتين الرسالة والتبرّي من الموت فيكون القصر على الرسالة من قصر الموصوف على الصفة قصر إفراد.
[2] قوله: [فاستعمل له] أي: فاستعمل في الحكم المعلوم وهو إثبات الرسالة له مع نفي التبرّي عن الموت, أو فاستعمل لأجل التنزيل المذكور. قوله ½والاعتبار المناسب¼ أي: لمقام الرسالة هنا.
[3] قوله: [عطف على قوله ½إفراداً¼] أي: وحينئذ فالمعنى: أنّ القصر الذي استعملت فيه ½ما¼ و½إلاّ¼ للتنزيل إمّا أن يكون قصر إفراد كما تقدّم وإمّا أن يكون قصر قلب.
[4] قال: [لاعتقاد القائلين إلخ] هذا هو الاعتبار المناسب. قال: ½على دعوى الرسالة¼ المنافية للبشريّة على زعم القائلين, فالقصر هنا مبنيّ على حال المتكلِّم والمخاطب وفي السابق على حال المخاطب فقط.
[5] قوله: [من التنافي إلخ] بيان لـ½ما¼, وإنما اعتقدوا التنافي بينهما لأنّ الرسول لجلالة قدره يتنزّه عن البشريّة في رأيهم, وانظر سخافة عقولهم حيث لم يرضوا بكون الرسول بشراً ورضوا بكون الإله حجراً.