الخَصْم (وكقولك) عطف على قوله: ½كقولك لِصاحبك¼، وهذا مثال لأصل ½إنّما¼[1] أي: الأصل في ½إنّما¼ أن يستعمل فيما لا يُنكره المخاطَب كقولك (½إنّما هو أخوك¼ لِمَن يَعلم ذلك ويُقِرُّ به وأنت تريد أن تُرَقِّقَه عليه) أي: أن تَجعل مَن يَعلم ذلك رقيقاً مُشفِقاً على أخيه[2] والأَولى بناءً على ما ذكرنا[3] أن يكون هذا المثالُ مِن الإخراج لا على مقتضَى الظاهر (وقد يُنزَّل المجهولُ منزلةَ المعلومِ لادّعاءِ ظهورِه فيُستعمل له الثالث) أي: ½إنّما¼ (نحو) قوله تعالى حكايةً عن اليهود (﴿إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ﴾ [البقرة:١١]) ادَّعَوا[4] أنّ كونهم مُصلِحين أمر ظاهر مِن شأنه أن لا يجهلَه المخاطَب ولا يُنكرَه (ولذلك[5] جاء ﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ
[1] قوله: [وهذا مثال لأصل ½إنما¼] أي: وعلى هذا فهو مثال لتخريج الكلام على مقتضى الظاهر كما يقتضيه قول المصـ ½بخلاف الثالث¼ من أنّ الأصل في ½إنما¼ أن تستعمل فيما هو معلوم للمخاطب ولا ينكره, وسيأتي القدح فيه بقول الشارح: ½والأولى إلخ¼.
[2] قوله: [مشفقاً على أخيه] إشارة إلى أنّ تعدية قوله ½ترقِّقه¼ بـ½على¼ لتضمين معنى الإشفاق فيه, وقوله ½أي: تجعل إلخ¼ فيه إشارة إلى أنّ صيغة ½فعّل¼ هنا للجعل والتصيير.
[3] قوله: [بناءً على ما ذكرنا] أي: عقبَ قوله ½بخلاف الثالث¼ من أنّ ½إنما¼ لا تستعمل إلاّ في المجهول بالفعل لكنّه شأنه أن لا يجهل, فإنّ المثال المذكور بناءً عليه لتخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر لأنّ كون المخبر عنه أخا المخاطب وإن كان معلوماً له لكنّه لمّا لم يشفق عليه نزّل منزلة الجاهل عنه فخوطب بالقصر واستعمل فيه ½إنما¼ على خلاف مقتضى الظاهر.
[4] قوله: [ادّعوا إلخ] حاصله أنّ كون اليهود مُصلِحين أمر مجهول منكر لكنّهم نزّلوه منزلة أمرٍ من شأنه أن يكون معلوماً لادّعائهم أنّه أمر ظاهر الثبوت فاستعملوا في إثباته للردّ على المخاطبين ½إنما¼ التي تستعمل في ما من شأنه أن يكون معلوماً وإن كان مقتضى الظاهر التعبيرَ بالنفي والاستثناء, وفي استعمالهم ½إنما¼ في إثبات كونهم مصلحين إشعار بأنّ نقيضه وهو كونهم مفسدين أمر ظاهر الانتفاء.
[5] قال: [ولذلك] أي: ولأجل ادّعائِهم ظهور ما لم يتّصفوا به في نفس الأمر وهو كونهم مصلحين ومبالغتِهم في إنكار ما اتّصفوا به في الواقع وهو كونهم مفسدين.