عنوان الكتاب: مختصر المعاني

فالإنشاء إن لم يكن طلباً[1] كأفعال المقارَبة وأفعال المدح والذمّ وصِيَغ العقود والقسم و½ربّ¼ ونحو ذلك فلا يبحث عنها ههنا لقلّة[2] المباحث البيانيّة المتعلِّقة بها ولأنّ أكثرها في الأصل أخبار نقلت إلى معنى الإنشاء (إن كان طلباً استدعى مطلوباً غير حاصل وقت الطلَب) لامتناع طلب الحاصل[3] فلو استُعمِل صِيَغُ الطلب لمطلوب حاصل امتنع إجراؤها[4] على معانيها الحقيقيّة، ويتولّد منها بحسَب القرائن ما يناسب المقام (وأنواعه) أي: أنواع الطلب (كثيرة منها التمنّي) وهو طلب حصول شيء على سبيل المحبّة[5] (واللفظ الموضوع


 



[1] قوله: [إن لم يكن طلباً] فيه إشارة إلى أنّ قسيم قول المصـ ½إن كان طلباً¼ محذوف لعدم البحث عنه ههنا. قوله ½كأفعال المقاربة¼ أي: كبعض أفعال المقاربة إذ الإنشاء إنما يظهر في أفعال الرجاء التي لإنشاء الترجّي وهي ½عسى¼ و½حرى¼ و½اخلولق¼ لا في غيرها من أفعال الشروع والمقاربة. قوله ½وصِيَغ العقود¼ كـ½بعت¼ لإنشاء البيع و½نكحت¼ لإنشاء التزوّج. قوله ½والقسم¼ كـ½أقسم بالله¼ لإنشاء القسم. قوله ½وربّ¼ كـ½ربّ جاهل في الدنيا¼ لإنشاء التكثير, فإنه لا يحتمل الصدق والكذب باعتبار استكثار المتكلِّم الجهّالَ وإن احتملهما باعتبار نسبة الظرف إليهم. قوله ½ونحو ذلك¼ كفعلي التعجّب, و½كَم¼ الخبريّة المفيدة لإنشاء التكثير.

[2] قوله: [لقلّة إلخ] علّة لعدم البحث عنها أي: لقلّة المباحث البيانيّة والمعانيّة المتعلِّقة بها لقلّة دورها على الألسنة, فقد أطلق الشارح البيان هنا على ما يعمّ المعاني. قوله ½ولأنّ أكثرها¼ أي: أكثر هذه الأشياء الإنشائيّة الغير الطلبيّة, والمراد بذلك الأكثر ما عدا أفعال الترجّي والقسم, وهذا علّة ثانية لعدم البحث.

[3] قوله: [لامتناع طلب الحاصل] علّة لكون المطلوب غيرَ حاصل وقت الطلب, والمراد أنّه يكون غيرَ حاصل في اعتقاد المتكلِّم فيدخل فيه ما إذا طلب شيئاً حاصلاً وقت الطلب لعدم علمه بحصوله.

[4] قوله: [امتنع إجراؤها إلخ] أي: إجراء تلك الصيغ على معانيها الحقيقيّة كإجراء صيغة الأمر على طلب الإيمان في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ ءَامِنُواْ﴾ [النساء:١٣٦] وطلب التقوى في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ﴾ [الأحزاب:١] قوله ½ويتولّد منها¼ أي: من تلك الصيغ ما يناسب المقام كطلب دوام الإيمان والتقوى في القولين.

[5] قوله: [على سبيل المحبّة] إن قيل هذا التعريف غير مطّرد لأنّ طلب حصول الشيء على سبيل المحبّة موجود في بعض أقسام الأمر والنهي والنداء ممّا معه محبّة, قيل قيد الحيثيّة معتبر في التعريف فالمعنى طلب حصول الشيء من حيث إنه محبوب ولذا يطلب المحالات, والأمر والنهي والنداء ليست طلباً لحصول الشيء من حيث إنه محبوب بل من حيث قصد وجوده أو عدم وجوده أو إقباله.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471