إنّما يظهر فيما له حكم إعرابيّ، وأمّا في غيره[1] ففيه خَفاء وإشكال، وهو السبب[2] في صعوبة باب الفصل والوصل حتّى حصر بعضهم البلاغة في معرفة الفصل والوصل (وإلاّ) أي: وإن لم يقصد[3] ربط الثانية بالأولى على معنى عاطف سوى الواو (فإن كان للأولى حكم[4] لم يقصد إعطاؤه للثانية فالفصل) واجب[5] لئلاّ يلزم من الوصل التشريك في ذلك الحكم (نحو: ﴿وَإِذَا خَلَوۡاْ﴾ الآية لم يعطف ½الله يستهزئ بهم¼ على ½قالوا¼ لئلاّ يشاركه في الاختصاص بالظرف لما مرّ) من أنّ تقديم المفعول ونحوه من الظرف وغيره يفيد الاختصاص فيلزم[6] أن يكون استهزاء الله بهم مختصًّا بحال خلوّهم إلى شياطينهم وليس كذلك،
[1] قوله: [وأمّا في غيره إلخ] أي: وأمّا إفادة الواو الاشتراكَ في غير ما له حكم إعرابيّ وهو ما لا محلّ له من الإعراب ففيه خَفاءٌ وإشكال لعدمِ ظهور المشترك فيه وتوقّفِه على الجهة الجامعة المتوقِّفة على النظر بين الجملتين بما يأتي من الأحوال الستّة, وما له حكم إعرابيّ وإن توقّف على الجهة الجامعة أيضاً فليس فيه الخَفاء والإشكال لأنّ الجامع فيه لا يحتاج فيه إلى معرفة ما يأتي.
[2] قوله: [وهو السبب إلخ] أي: وما ذكر من الخَفاء والإشكال هو السبب في صعوبة معرفة مسائل باب الفصل والوصل. قوله ½حتّى حصر¼ غاية للصعوبة. قوله ½بعضهم¼ وهو أبو علي الفارسي, وهذا الحصر مبالغيّ تنبيهاً على دقّة هذا الباب وصعوبته وليس بحقيقيّ.
[3] قوله: [أي: وإن لم يقصد إلخ] وهذا صادق بصورتين إحداهما أن لا يقصد ربط أصلاً بأن لا يراد اجتماعهما في الحصول خارجاً كما إذا أخبر بجملة ثم تُرِكتْ في زاوية الإهمال وأخبر بأخرى, وتعيّنُ الفصل في هذه الصورة ظاهر ولذا لم يتعرّض لها في الجواب, والثانية أن يقصد اجتماع حصول مضمونهما خارجاً لكن على معنى عاطف هو الواو, وهذه هي التي فيها التفصيل المُبيَّن بقوله ½فإن كان إلخ¼.
[4] قال: [فإن كان للأولى حكم] أي: قيد زائد على مفهوم الجملة كالتقييدِ بحال أو بظرف أو بشرط, وليس المراد بالحكم الحكم الإعرابيّ إذ الموضوع أن لا محلّ للأولى من الإعراب.
[5] قوله: [واجب] إشارة إلى الخبر المحذوف لقوله ½فالفصل¼. قوله ½لئلاّ يلزم إلخ¼ علّة لوجوب الفصل. قوله ½التشريك في ذلك الحكم¼ أي: تشريك الثانية للأولى في ذلك القيد وهو نقيض المقصود.
[6] قوله: [فيلزم إلخ] أي: فقول المنافقين مختصّ بحال الخلوّ كما يفيده تقديم الظرف فلو عطف ½الله يستهزئ بهم¼ على ½قالوا¼ للزم اختصاصه به وليس كذلك لأنّ المراد باستهزاء الله تعالى بهم مجازاتُه لهم بالخذلان واستدراجهم من حيث لا يشعرون ولا شكّ أنّ هذا مستمرّ لا انقطاع له بحالٍ.