الناس فاعترضوا بأنّ السواد والبياض مثلاً من المحسوسات دون الوهميّات[1] وأجابوا بأنّ الجامع كون كلّ منهما مضادًّا للآخر وهذا معنى جزئيّ لا يدركه إلاّ الوهم، وفيه نظر[2] لأنّه ممنوع وإن أرادوا[3] أنّ تضادّ هذا السواد لهذا البياض معنى جزئيّ فتماثل هذا مع ذاك وتضايفه معه أيضاً معنى جزئيّ فلا تفاوت بين التماثل والتضايف وشبههما[4] في أنها إن أضيفت إلى الكلّيات كانت كلّيات وإن أضيفت إلى الجزئيّات كانت جزئيّات فكيف يصحّ جعل بعضها على الإطلاق عقليًّا وبعضها وهميًّا، ثمّ إنّ الجامع الخياليّ[5] هو تقارن
[1] قوله: [دون الوهميّات] أي: دون مُدرَكات الوهم فلا يصحّ جعل الجامع بينهما وهميًّا بل الجامع بينهما خياليّ لأنّ الخيال يدركهما بعد إدراك الحسّ المشترك. قوله ½وأجابوا¼ عطف على ½اعترضوا¼. قوله ½بأنّ الجامع¼ أي: بين السواد والبياض. قوله ½وهذا¼ أي: كون كلّ منهما مضادًّا للآخر.
[2] قوله: [وفيه نظر] أي: وفي هذا الجواب نظر من حيث قولهم ½وهذا معنى جزئيّ¼. قوله ½لأنه ممنوع¼ أي: لا نسلِّم أنّ تضادّ السواد للبياض معنى جزئيّ لأنّ التضادّ المأخوذ مضافاً إلى كليّ لا جزئيّ.
[3] قوله: [وإن أرادوا إلخ] أي: وإن أرادوا بقولهم ½وهذا معنى جزئيّ¼ أنّ التضادّ المأخوذ مضافاً إلى جزئيّ معنى جزئيّ فمسلَّم ولكنّ الأخذ بهذا المراد يؤدِّي إلى فسادِ كلام المصـ والتحكّمِ لأنّ الجوامع كلّها مساوية في أنها إن أضيفت إلى الكليّات كانت كليّات مُدرَكات بالعقل كقولك ½تضادّ البياض للسواد¼ وإن أضيفت إلى الجزئيّات كانت جزئيّات مُدرَكات بالوهم كقولك ½تضادّ هذا السواد لذاك البياض¼ فجعل بعضها عقليًّا وبعضها وهميًّا على الإطلاق تحكّم محض وترجيح بلا مرجِّح.
[4] قوله: [وشبههما] أي: وغيرهما من التضادّ وشبه التضادّ وشبه التماثل. قوله ½في أنها¼ أي: في أنّ التماثل والتضايف وشبههما. قوله ½فكيف يصحّ إلخ¼ الاستفهام إنكاريّ أي: إذا كانت الجوامع كلّها مساوية فيما ذكر فلا يصحّ إلخ. قوله ½على الإطلاق¼ أي: سواء أضيف إلى كليّ أو إلى جزئيّ.
[5] قوله: [ثمّ إنّ الجامع الخياليّ إلخ] ردّ آخر على المعترضين المُجيبين الزاعمين أنّ الجامع العقليّ والوهميّ والخياليّ ما يدرك بالعقل والوهم والخيال. قوله ½ليس بصورة إلخ¼ لأنّ تقارن الصور وصف للصور غير مُدرَك بالخيال فلا يصحّ هذا التفسير في الجامع الخياليّ.