حدّ الإعجاز هذا هو الموافق لِما في "المفتاح"، وزعم بعضهم[1] أنه عطف على ½حدّ الإعجاز¼ والضمير عائد إليه يعني أنّ الطرف الأعلى هو حدّ الإعجاز وما يقرب من حدّ الإعجاز، وفيه نظر؛ لأن القريب من حدّ الإعجاز لا يكون من الطرف الأعلى[2] الذي هو حدّ الإعجاز، وقد أوضحنا ذلك في الشرح (وأسفل وهو ما إذا غيّر) الكلام (عنه إلى ما دونه) أي: إلى مرتبة هي أدنى منه وأنزل (التحق) الكلام وإن كان صحيحَ الإعراب[3] (عند البلغاء بأصوات الحيوانات) التي تصدر عن محالّها بحسَب ما يتّفق من غير اعتبار اللطائف والخواصّ الزائدة على أصل المراد (وبينهما) أي: بين الطرفين[4] (مراتب كثيرة) متفاوتة بعضها أعلى من بعض بحسَب تفاوتِ المقامات ورعايةِ الاعتبارات والبعدِ من أسباب
[1] قوله: [وزعم بعضهم] هذا عكس الأوّل لأنّ الأوّل يفيد أنّ الحدّ الإعجاز نوع له فردان: الأعلى وما يقرب منه, وهذا يفيد أنّ الطرف الأعلى نوع له فردان: حدّ الإعجاز وما يقرب منه.
[2] قوله: [من الطرف الأعلى] لأنّ طرف الشيء نهايته فيجب أن يكون أمراً واحداً لا ينقسم في الامتداد الذي جعل ذلك الأمر طرفاً له فإذا جعل حدّ الإعجاز طرفاً أعلى لم يمكن أن يجعل القريب من حدّ الإعجاز من الطرف الأعلى وإلاّ يلزم انقسام الطرف في الامتداد الذي جعل الطرف طرفاً له.
[3] قوله: [وإن كان صحيح الإعراب] بل وإن كان فصيحاً. قوله ½عن محالّها¼ أي: أصحابها وهي الحيوانات. قوله ½بحسب ما يتّفق¼ متعلِّق بـ½تصدر¼ و½مَا¼ مصدريّة أي: التي تصدر من أصحابها بحسب اتّفاقِ الأصوات وحصولِها بلا علّة مقتضية لها. قوله ½من غير اعتبار اللطائف إلخ¼ بيان للصدور بحسب الاتّفاق فهو على حذف ½أي¼ التفسيريّة, وعطف الخواصّ على ما قبله من عطف المرادف.
[4] قوله: [أي: بين الطرفين] إشارة إلى المرجع. قوله ½متفاوتة¼ أي: مختلفة في البلاغة. قوله ½بعضها أعلى إلخ¼ بيان للتفاوت. قوله ½بحسب إلخ¼ متعلِّق بقوله ½متفاوتة¼. قوله ½ورعاية الاعتبارات¼ أي: قصد الخصوصيّات فرعاية خصوصيّتين أعلى من رعاية خصوصيّة ورعاية ثلاث أعلى من اثنتين. قوله ½والبعد من أسباب¼ كما لو كان كلام مطابق لمقتضى الحال وانتفى عنه الثقل بالكليّة وهناك كلام آخر مطابق له لكن فيه شيئاً يسيراً من الثقل لا يخرجه عن الفصاحة فالأوّل أعلى بلاغةً من الثاني.