عنوان الكتاب: مختصر المعاني

باعتبار المعاني والأغراض التي يصاغ لها الكلام لا باعتبار الألفاظ المفردة[1] والكلِم المجرّدة (وكثيراً مّا) نصب على الظرف لأنه من صفة الأحيان و½مَا¼ لتأكيد معنى الكثرة، والعامل فيه قوله (يسمّى ذلك) الوصف المذكور (فصاحة أيضاً) كما يسمّى بلاغة، فحيث يقال: ½إنّ إعجاز القرآن من جهة كونه في أعلى طبقات الفصاحة¼ يراد بها هذا المعنى[2] (ولها) أي: لبلاغة الكلام (طرفان أعلى وهو حدّ الإعجاز) وهو أن يرتقي الكلام في بلاغته إلى أن يخرج عن طوق البشر ويُعجِزَهم عن معارضته (وما يقرب منه) عطف على قوله ½هو¼ والضمير في ½منه¼ عائد إلى ½أعلى¼ يعني أنّ الأعلى مع ما يقرب منه[3] كلاهما من


 



[1]  قوله: [الألفاظ المفردة] أي: المجرّدة عن إفادة المعاني الثانوية. قوله ½والكلم المجرّدة¼ أي: الخالية عن اعتبار المعنى الثاني. قوله ½نصب¼ أي: هذا منصوب, أو ذو نصب. قوله ½على الظرفيّة¼ أي: لأجل كونه ظرفاً. قوله ½لأنّه من صفة الأحيان¼ أي: الأزمان, فكما أنّ اسم الزمن ينصب على الظرفيّة فكذا صفته, والمراد أنه كان في الأصل صفة للأحيان ثمّ أقيم مقامها وصار بمعناها ونصب نصبها وليس المراد أنّ موصوفه الأحيان مقدّر أي: أحياناً كثيراً؛ لأنّ التأنيث ح واجب. قوله ½ومَا لتأكيد إلخ¼ أي: فهي زائدة للتأكيد. قوله ½والعامل فيه¼ أي: في الظرف. قوله ½الوصف المذكور¼ إشارة إلى المشار إليه وهو المطابقة لمقتضى الحال.

[2]  قوله: [هذا المعنى] أي: المطابقة لمقتضى الحال. قوله ½أي: لبلاغة الكلام¼ إشارة إلى مرجع الضمير. قوله ½وهو أن يرتقي الكلام في بلاغته¼ أي: الإعجاز عند علماء البلاغة أن يرتفع الكلام بسبب بلاغته إلى أن يخرج عن طاقة البشر. قوله ½ويعجزهم عن معارضته¼ أي: يُصيِّرهم عاجزين عن معارضته, وهذا من عطف اللازم على الملزوم فإنّ الخروج عن الطاقة يستلزم العجز.

[3]  قوله: [مع ما يقرب منه] جعل الواو بمعنى ½مع¼ وهذا حلّ المعنى لا حلّ الإعراب, وفي إيراد كلمة ½مع¼ موقع الواو إشارة إلى أنّ اعتبار العطف مقدّم على اعتبار الإخبار فيصير المعنى أنّ الأعلى وما يقرب من الأعلى كلاهما حدّ الإعجاز. قوله ½هذا إلخ¼ أي: هذا الإعراب هو الموافق لما في "المفتاح" من أنّ البلاغة تتزايد إلى أن تبلغ إلى حدّ الإعجاز وهو الطرف الأعلى وما يقرب منه, فإنه ظاهر في أنّ الطرف الأعلى وما يقرب منه كلاهما حدّ الإعجاز, وموافق أيضاً لما في "نهاية الإعجاز" للرازيّ من أنّ الطرف الأعلى وما يقرب منه هو المعجز, ولا يخفى أنّ بعض الآيات أعلى طبقة من البعض وإن كان الجميع مشتركاً في كونه معجزاً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471